كتاب نواسخ القرآن = ناسخ القرآن ومنسوخه ت المليباري (اسم الجزء: 2)

أحدهما: مَا يَجْعَلُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَائِفَةٍ مِنْ شُجْعَانِ الْعَسْكَرِ وَمُقَدِّمِيهِ، يَسْتَخْرِجُ بِهِ نُصْحَهُمْ وَيُحَرِّضُهُمْ عَلَى الْقِتَالِ.
وَالثَّانِي: مَا يَفَضُلُ مِنَ الْغَنَائِمِ بَعْدَ قِسْمَتِهَا، كَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ فَغَنِمْنَا إِبِلا، فَأَصَابَ كُلُّ وَاحِدٍ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنَفَّلَنَا بَعِيرًا بَعِيرًا"1. فَعَلَى هَذَا هِيَ مُحْكَمَةٌ2؛ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمُ باقٍ إِلَى وَقْتِنَا هَذَا, وَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَدَّعِي أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ فَإِنَّ عَامَّةَ، مَا تَضَمَّنَتْ أَنَّ الأَنْفَالَ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمَا يَحْكُمَانِ فِيهَا وَقَدْ وَقَعَ الْحُكْمُ فِيهَا بِمَا تَضَمَّنَتْهُ آيَةُ الْخُمُسِ، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّ الأَمْرَ بِنَفْلِ الْجَيْشِ مَا أَرَادَ، فَهَذَا حُكْمٌ باقٍ، فَلا يُتَوَجَّهُ النَّسْخُ بِحَالٍ، وَلا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ عَنْ آيَةٍ: أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ إِلا أَنْ يُرْفَعَ حُكْمُهَا وَحُكْمُ هَذِهِ مَا رُفِعَ فَكَيْفَ يُدَّعَى النَّسْخُ؟ وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْتُهُ أبو جعفر ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ3.
ذِكْرُ الآيَةِ الثانية: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ، وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ} 4.
__________
1 رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ولفظ البخاري: عن مالك عن نافع عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بعث سرية فيها عبد الله بن عمر قبل نجد فغنموا إبلاً كثيرة فكانت سهامهم اثني عشر بعيراً ونفلوا بعيراً بعيراً". انظر: صحيح البخاري مع الفتح7/ 47 في كتاب فرض الخمس.
2 ذكر المؤلف العبارة نفسها في زاد المسير9/ 319 وسكت عن دعوى النسخ في مختصر عمدة الراسخ لضعفها.
3 انظر: نص ما قاله الطبري في جامع البيان9/ 118 - 119.
4 الآية (15 - 16) من سورة الأنفال.

الصفحة 446