كتاب نواسخ القرآن = ناسخ القرآن ومنسوخه ت المليباري (اسم الجزء: 2)

قُلْتُ: لَفْظُ الآيَةِ عَامٌّ، وَإِنْ كَانَتْ نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا عَامَّةٌ، ثُمَّ لِهَؤُلاءِ فِيهِ قَوْلانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ: {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} 1 فَلَيْسَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَفِرُّوا عَنْ مِثْلَيْهِمْ2.
قَالَ آخَرُونَ: هِيَ مُحْكَمَةٌ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، لِأَنَّهَا مُحْكَمَةٌ فِي النَّهْيِ عَنِ الْفِرَارِ3. فَيُحْمَلُ النَّهْيُ عَلَى مَا إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ أَعْلَى] مِنْ [4 عَدِدِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ ذَهَبْ إِلَى نَحْوِ هَذَا ابْنُ جَرِيرٍ5.
ذِكْرُ الآيَةِ الثَّالِثَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} 6.
__________
1 الآية (66) من سورة الأنفال.
2 دعوى النسخ هنا مروية عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، في جامع البيان9/ 135، والناسخ والمنسوخ للنحاس ص: 153، وذكره مكي بن أبي طالب أيضاً عنه في الإيضاح ص: 256.
3 روى الطبري والنحاس في المصدرين السابقين عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، قال: الفرار من الزحف من الكبائر لأن الله تعالى قال: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ}.
4 غير موجودة في النسختين، أضفتها كي يستقيم المعنى.
5 تجد نص كلام الطبري في جامع البيان9/ 135، وذهب إلى ما ذهب إليه الطبري من إحكام الآية النحاس، ومكي بن أبي طالب في المصدرين السابقين، وقالا: إنها خبر ووعيد ولا ينسخ الوعيد.
6 الآية (33) من سورة الأنفال.

الصفحة 448