كتاب نواسخ القرآن = ناسخ القرآن ومنسوخه ت المليباري (اسم الجزء: 2)

أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ، قَالَ: أَبْنَا ابْنُ غَيْلانَ1 قَالَ: أَبْنَا أَبُو بكر الشافعي، قال: أبنا إسحق بن الحسن، قال: بنا أبو حذيفة قال: بنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَطَاءٍ: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ} قَالَ: "كَانَ لا يَنْبَغِي لِوَاحِدٍ أَنْ يَفِرَّ مِنْ عَشَرَةٍ فَخَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ".
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْحَافِظُ قَالَ: أَبْنَا أَبُو طَاهِرٍ الْبَاقِلاوِيُّ، قَالَ: أَبْنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ قَالَ: أَبْنَا عَبْدُ الرحمن بن الحسن، قال: بنا إبراهيم ابن الحسين قال: بنا آدم قال: بنا وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كَانَ قَدْ جُعِلَ عَلَى أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ يَوْمَ بَدْرٍ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ قِتَالُ عَشَرَةٍ مِنَ الْكُفَّارِ (فَضَجُّوا) 2 مِنْ ذَلِكَ فَجُعِلَ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ قِتَالُ رَجُلَيْنِ فَنَزَلَ التَّخْفِيفُ من اللهعزوجل فَقَالَ: {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ} 3.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: وَهَذَا تَخْفِيفٌ لا نَسْخٌ. لِأَنَّ مَعْنَى النَّسْخِ رَفْعُ حُكْمِ الْمَنْسُوخِ وَلَمْ يُرْفَعْ حُكْمُ الأَوَّلِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ لا يُقَاتِلُ الرَّجُلُ عَشَرَةً بَلْ إِنْ قَدِرَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ الاخْتِيَارُ لَهُ.
وَنَظِيرُ هَذَا إِفْطَارُ الصَّائِمِ فِي السَّفَرِ، لا يُقَالُ إِنَّهُ نَسَخَ الصَّوْمَ وَإِنَّمَا هُوَ تَخْفِيفٌ وَرُخْصَةٌ (وَالصِّيَامُ) 4 له أفضل5.
__________
1 في (هـ): ابن (بي) وهي زيادة من الناسخ.
2 في (هـ): صبحوا، وهو تصحيف.
3 أخرجه الطبري في جامع البيان10/ 28 عن مجاهد من طريق ابن أبي نجيح.
4 في (م): والسيام، بالسين، وهو تحريف.
5 تجد كلام النحاس المذكور في كتابه الناسخ والمنسوخ ص: 156.
قلت: قد نص المؤلف في تفسيره3/ 378، وفي مختصر عمدة الراسخ ورقة (8) بنسخ هذه الآية.
يقول الإمام الشافعي رحمه الله بعد ذكر دعوى النسخ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما: "هذا كما قال ابن عباس - إن شاء الله - مستغنى فيه بالتنزيل عن التأويل لما كتب الله أن لا يفسر العشرون من المائتين فكان هكذا الواحد من العشرة ثم خفف الله عنهم فصير الأمر إلى أن لا يفر المائة من المائتين وذلك أن لا يفر الرجل من الرجلين" انتهى من رسالة الشافعي فقرة: 372 - 374. ومن أحكام القرآن له 2/ 40.
قلت: وقد تبع النحاس في إنكار وقوع النسخ هنا، ابن حزم الظاهري حيث قال: "وهذا خطأ، لأنه ليس إجماعاً، ولا فيه بيان نسخ ولا نسخ عندنا في هذه الآيات أصلاً، وإنما هي في فرض البراز إلى المشركين. وأما بعد اللقاء فلا يحل لواحد منا أن يولي دبره جميع من على وجه الأرض من المشركين إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة" انتهى من كتابه الإحكام في أصول الأحكام 4/ 462.

الصفحة 454