كتاب نواسخ القرآن = ناسخ القرآن ومنسوخه ت المليباري (اسم الجزء: 2)

وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: {مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} (وَلايَةُ) 1 النُّصْرَةِ وَالْمَوَدَّةِ. قَالُوا ثُمَّ نُسِخَ هَذَا بِقَوْلِهِ: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} 2.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ} فَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ: إِنِ اسْتَنْصَرَكُمُ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ لَمْ يُهَاجِرُوا فَانْصُرُوهُمْ إِلا أَنْ يَسْتَنْصِرُوكُمْ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ عَهْدٌ، فَلا تَغْدُرُوا بِأَهْلِ الْعَهْدِ3.
وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الْإِشَارَةَ إِلَى أَحْيَاءٍ مِنْ كُفَّارِ الْعَرَبِ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَادَعَةٌ، فَكَانَ إِنِ احْتَاجَ إِلَيْهِمْ عَاوَنُوهُ، وَإِنِ احْتَاجُوا عَاوَنَهُمْ فَنُسِخَ ذلك بآية السيف4.
__________
1 في النسختين: (ولاة) وهو تحريف عما أثبت.
2 الآية (71) من سورة التوبة.
3 أخرج نحوه الطبري في جامع البيان10/ 38 عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة، وبه فسر المؤلف الآية في زاد المسير3/ 385، وذكره ابن كثير أيضاً عن ابن عباس في تفسيره عند ذكر هذه الآية.
4 ذكر هذا القول هبة الله بن سلامة، في الجزء الأخير من هذه الآية. انظر: الناسخ والمنسوخ له ص 50.
قلت: عرض المؤلف دعوى النسخ في موضعين من الآية، ففي الجزء الأول نراه يسرد آراء العلماء ولا يبدي رأيه كما فعل ذلك في مختصر عمدة الراسخ وفي تفسيره. وأما في الجزء الأخير فلم يتعرض لدعوى النسخ في كتابيه أصلاً بل فسر الآية بما يؤيد إحكامها.
وأما ابن جرير، رحمه الله، فيسوق الآثار الصحيحة عن ابن عباس وقتادة على نسخ الآية، ثم يناقشها وأثبت إحكام جميع الآية فيقول: "لا ناسخ في هذه الآيات لشيء، ولا منسوخ". وكذلك استبعد الإمام فخر الرازي جميع التفاسير المؤيدة للنسخ ورجح إحكامها. انظر: زاد المسير 3/ 385؛ وجامع البيان10/ 40؛ والتفسير الكبير 4/ 580.

الصفحة 459