كتاب نواسخ القرآن = ناسخ القرآن ومنسوخه ت المليباري (اسم الجزء: 2)

هَذَا وَأَمْثَالُهُ1 لِلْمُبَالَغَةِ فِي بَيَانِ آثار الْمَعَاصِي وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ مَا عُلِّقَ بِشَرْطٍ أَنْ يَقَعَ2.
ذِكْرُ الآيَةِ الثَّانِيَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ} 3.
رَوَى أَبُو صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: نَسَخَتْهَا آيَةُ السَّيْفِ، وَهَذَا بَعِيدٌ من ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه لا يَصِحَّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الآيَتَيْنِ تنافٍ، وَالْمَنْسُوخُ لا يَصِحُّ اجْتِمَاعُهُ مَعَ النَّاسِخِ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لا يَصِحُّ أَنْ يُدَّعَى نَسْخُ هَذِهِ الآيَةِ بَلْ إِنْ قِيلَ مَفْهُومُهَا منسوخ، ومفهومها عِنْدَهُمْ، فَقُلْ لِي عَمَلِي، وَاقْتَصِرْ عَلَى ذَلِكَ وَلا تُقَاتِلْهُمْ، وَلَيْسَ الأَمْرُ كَذَلِكَ إِنَّمَا مَعْنَى الآيَةِ: لِي جَزَاءُ عَمَلِي فَإِنْ كُنْتُ كَاذِبًا فَوَبَالُهُ عَلَيَّ، وَلَكُمْ جَزَاءُ عَمَلِكُمْ فِي تَكْذِيبِكُمْ لِي، وَفَائِدَةُ هذا أنه لا يجازي أحد إلاّ بعمله ولا يأخذ بجرم غيره وهذا لا يَمْنَعُ مِنْ قِتَالِهِمْ وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى مَا يُفْهَمُ مِنْهَا فلا وجه للنسخ4.
__________
1 في (هـ): ومثله، بالإفراد.
2 أثبت المؤلف إحكام هذه الآية في كتابيه: التفسير ومختصر عمدة الراسخ، وأما أمهات كتب النسخ، فقد أغفلت دعوى النسخ هنا لضعفها. انظر: زاد المسير 4/ 15؛ ومختصر عمدة الراسخ ورقة (8).
3 الآية (41) من سورة يونس.
4 ذكر دعوى النسخ هنا بآية السيف مكي بن أبي طالب ص: 281 من الإيضاح، وردها المؤلف في تفسيره4/ 34، ولم يتعرض لها في مختصر عمدة الراسخ أصلاً.

الصفحة 478