كتاب نواسخ القرآن = ناسخ القرآن ومنسوخه ت المليباري (اسم الجزء: 2)

رَوَى أَبُو صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: هَذِهِ الآيَةُ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ الْقِتَالِ، وَهَذَا لا يَصِحُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لا يُتَوَجَّهُ النَّسْخُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الأَشْيَاءِ1، لِأَنَّ مَعْنَى الآيَةِ: مَا أَنَا بِوَكِيلٍ فِي مَنْعِكُمْ مِنِ اعْتِقَادِ الْبَاطِلِ، وَحَافِظٍ لَكُمْ مِنَ الْهَلاكِ إِذَا لَمْ (تَعْمَلُوا) 2 أَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ مَا يُخَلِّصُهَا3.
ذِكْرُ الآيَةِ السَّادِسَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ} 4.
رَوَى أَبُو صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: هذه مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ الْقِتَالِ، وَهَذَا لا يَثْبُتُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ثُمَّ إِنَّ الأَمْرَ بِالصَّبْرِ هَاهُنَا مَذْكُورٌ إِلَى غَايَةٍ، وَمَا بَعْدَ الْغَايَةِ يُخَالِفُ مَا قَبْلَهَا. وَقَدْ شَرَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي الْبَقَرَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} 5 فَلا وَجْهَ لِلنَّسْخِ فِي شَيْءٍ من هذه الآيات6.
__________
1 انظر مثلاً فيما سبق مناقشة الآية (66)، و (107) من سورة الأنعام.
2 في (هـ): تعلموا.
3 في (هـ): كلمة (يقوله) زيادة، ولعلها من الناسخ.
قلت: أورد دعوى النسخ هنا ابن حزم في ناسخه ص: 341؛ وابن سلامة في ناسخه (54) وابن هلال في ناسخه المخطوط (27) ولم يتعرض له الطبري والنحاس ومكي بن أبي طالب. وأما المؤلف فقام برد هذا القول في زاد المسير 4/ 71 ومختصر عمدة الراسخ ورقة 8.
4 الآية (109) من سورة يونس.
5 الآية (109) من سورة يونس. انظر: إن شئت مناقشة الآية المذكورة.
6 قلت: نقل دعوى النسخ هنا النحاس في ناسخه ص: 179، عن ابن زيد، كما ذكره عنه مكي بن أبي طالب في الإيضاح (281)، أما المؤلف فقد رد قول النسخ وصحح الإحكام في زاد المسير 4/ 71 ومختصر عمدة الراسخ ورقة (8).

الصفحة 480