كتاب نواسخ القرآن = ناسخ القرآن ومنسوخه ت المليباري (اسم الجزء: 2)

زَعَمَ قَوْمٌ مِنْهُمْ: مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ اقْتَضَتْ أَنَّ مَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا بِعَمَلِهِ أُعْطِيَ فِيهَا ثَوَابَ عَمَلِهِ مِنَ الرِّزْقِ وَالْخَيْرِ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: {عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} 1. وَهَذَا الْقَوْلُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، لِأَنَّ الآيتين خبر، وهذه الآية نظيرة قَوْلِهِ فِي آلِ عِمْرَانَ {وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا} 2 وَقَدْ شَرَحْنَاهَا هُنَاكَ.
ذِكْرُ الآيَةِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} 3.
قَالَ: بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: هَاتَانِ الآيَتَانِ اقْتَضَتَا تَرْكَهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ، وَالاقْتِنَاعَ بِإِنْذَارِهِمْ، ثُمَّ نُسِخَتَا بِآيَةِ السَّيْفِ4.
__________
1 الآية (18) من سورة الإسراء.
ذكر قول النسخ النحاس في ناسخه ص: 177 بسند ضعيف، ومكي بن أبي طالب في الإيضاح (272) بدون سند، عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، ثم قال النحاس: "محال أن يكون ها هنا نسخ، لأنه خبر" وبه قال مكي عن أكثر الناس.
2 الآية (146) من آل عمران.
قلت: وقد أورد المؤلف في زاد المسير4/ 83 وفي مختصر عمدة الراسخ دعوى النسخ هنا، عن مقاتل، ثم قال في التفسير: "وهذا لا يصح لأنه لا يوفي إلا من يريد" وقال في المختصر: لأن الآيتين خبر.
3 الآيتان (121 - 122) من سورة هود.
4 عد هذه الآية ابن حزم في معرفة الناسخ والمنسوخ المطبوع على هامش التفسير المنسوب إلى ابن عباس (342) وهبة الله بن سلامة في الناسخ والمنسوخ ص: 55، وبركات بن هلال، في الإيجاز في الناسخ والمنسوخ، المخطوط ورقة (27) ولم يستندوا كعادتهم إلى أي دليل نقلي أو عقلي.

الصفحة 482