كتاب نواسخ القرآن = ناسخ القرآن ومنسوخه ت المليباري (اسم الجزء: 2)

ذِكْرُ الْآيَةِ الثَّالِثَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ} 1.
قَدْ زَعَمَ قَوْمٌ: أَنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرَ بِقِتَالِهِمْ ثُمَّ نُسِخَ بِآيَةِ السَّيْفِ2. وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ، لِأَنَّ الْمَعْنَى: لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا، وَقِيلَ: لا تَحْزَنْ بِمَا أَنْعَمْتُ عَلَيْهِمْ في الدُّنْيَا، وَلا وَجْهَ للنسخ، وَكَذَلِكَ قَالَ: أَبُو الْوَفَاءِ ابْنُ عَقِيلٍ، قَدْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ3.
ذِكْرُ الآيَةِ الرَّابِعَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ} 4.
زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَعْنَاهَا نُسِخَ بِآيَةِ السَّيْفِ5. لِأَنَّ الْمَعْنَى عِنْدَهُ: اقْتَصَرَ عَلَى الإِنْذَارِ، وَهَذَا خَيَالٌ فَاسِدٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الآيَةِ مَا يَتَضَمَّنُ هَذَا، ثُمَّ هِيَ خبر فلا وجه للنسخ6.
__________
1 الآية (88) من سورة الحجر.
2 ذكره ابن حزم في ناسخه (343) وابن سلامة في ناسخه (58) وابن هلال في ناسخه المخطوط ورقة (27).
3 قلت: لم يذكر الطبري والنحاس ومكي بن أبي طالب والمؤلف في تفسيره ولا في مختصر عمدة الراسخ، دعوى النسخ في هذه الآية إذ لم يعتبروا هذا القول الضعيف جديراً بالذكر.
4 الآية (89) من سورة الحجر.
5 قال ابن حزم: "نسخ معناها ولفظها بآية السيف" وقال ابن سلامة: "نسخ معناها لا لفظها". انظر: المصدرين السابقين.
6 قلت: لم يعدها المؤلف في مختصر عمدة الراسخ من المنسوخة وقد ذكرها في تفسيره 4/ 416 بدون رد ولا تعليق، وأعرض عن ذكره النحاس ومكي بن أبي طالب في ناسخيهما.

الصفحة 489