كتاب المختصر المفيد في عقائد أئمة التوحيد
حماة الدين دون غيرهم، ولكن بشرط أن لا يدخلهم في حلبة الصراع الحقيقي، بل في هامشه، والأولى أن يخرجهم عن دائرته وحدوده ومعالمه بالكلية.
ومنها: (طائفة) عقدت بينها وبين أنفسها عهدًا على الالتزام بأي شعيرة من شعائر الإسلام، لكن بشرط - غير مقروء ولا مكتوب ولا مسموع - أن لا يترتب عليه أي حرج في دنياها، وقد تجد لديها توخيًا شديدًا لتحري الحلال، واجتناب الحرام، والمداومة المستمرة على عبادة الله، لكن المهم والمراد أن تبقى منزوعة المواقف، لا ولاء، ولا براء، لا سيما في الأمور التي تنبني عليها التكاليف العظام، وتكون بحق مفرق طريق بين الحق والطغيان.
ومنها: (طائفة) أخذت على عاتقها نشر فكر الإرجاء الخبيث، وبث آثاره السيئة، الذي من شأنه أن يخرِّج دومًا أجيالاً لا تعرف إلاَّ التميع، وسياسة الترقيع والاستسلام والذلة والمهانة، مع محاولة تذويب الفواصل والحدود بين الحق والباطل، من أجل التقابل بينهما في منتصف الطريق، وهيهات هيهات لما يريدون ويؤملون.
ومنها: (طائفة) لم تتبن سياسة الفعل، ولكن تبنَّت سياسة ردّ الفعل؛ فقامت متعطشة لسفك الدماء، وانتهاك الأعراض، وترويع الآمنين، وأخذت سلطانًا من تلقاء أنفسها تجري به أحكام: الردَّة والتكفير والتبديع والتفسيق، لكل مارق عن هديها أو خارج عن إطار جماعتها، وقدمت للعالم كله كافة افتراءاتها على أنها أصل الإسلام، وأساس العقيدة الصحيحة المنضبطة، الذي لا يسع طالب الحق إلاَّ اتباعها، والمضي قدمًا على سننها هكذا زعموا!
ومنها: (طائفة) أعطت ولاءها الكامل للنظام القائم ولرايته المرفوعة، أيًا كانت وجهتها المعلنة، سواءً كانت راية إسلامية أو علمانية، أو قومية، أو بعثية، أو راية مخلطة ... المهم لديها أن الولاء يعطي خالصًا للراية
الصفحة 12
595