كتاب الدليل المغني لشيوخ الإمام أبي الحسن الدارقطني

للباحثين عن تراجم من ليس في "تهذيب التهذيب" فلقد استفدنا كثيرًا من علوم هذا الشّيخ الهمام، ومن هذا السير الّذي سار عليه من تقريب رواة السُّنَّة، وخاصة من ليس منهم في "تهذيب التهذيب" الّذي تتقاعس العزائم وتضعف الهمم، وبالذات في مثل هذه الأزمان عن البحث عن أمثال هؤلاء الرواة، لا سيما من كان منهم من رجال الكتب النازلة، فكم من راوٍ قال في عدد من الباحثين والدكاترة: لم أجد له ترجمة، أو: لم أعرفه، أو: يُبحث عنه، ونحو ذلك من العبارات، فجزى الله شيخنا خيرًا على ما قام به وبذله من جهدٍ عظيم في هذا المضمار، وعنه - رحمه الله تعالى - تعلمنا شطرًا من هذه المسيرة المباركة -إنَّ شاء الله تعالى- فجزاه المولى عنا الخير ولقَّاه الحسنى، وجميع مشايخنا وأئمتنا، إِلَّا أنّ الكمال والتمام والعصمة من الزلل والخطأ والنِّسيان، لا يدعيها لنفسه أو لكتابه أحد من الإنس والجان، وقد قال الإمام الشّافعيّ - رحمه الله تعالى-: لقد ألَّفت هذه الكتب، ولم آل جهدًا فيها، ولا بد أنّ يوجد فيها الخطأ لأنّ الله تعالى يقول: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (¬1) [النِّساء: 82]، وفي هذه العجالة أنبه - بمشيئة الله تعالى- على بعض ما قد يكون تتميمًا لكتاب شيخنا، أو تبيينًا لما قد يكون مغلقًا أو غامضًا فيه، وليس هذا تزهيدًا وتنقُّصًا من قدر الكتاب ولا كاتبه، قال الشّيخ حماد الأنصاري - رحمه الله تعالى-: كون العالم يُتعقب في علمه من أهل العلم، لا يدلُّ على أنّه ليس بعالم (¬2). فأقول مستعينًا بالله عزَّ وجلَّ:
إنَّ لي مع هذا الكتاب الفذ عدَّة وقفات منها:
الوقفة الأولى: في ذكر تراجم سقطت من الكتاب وهي قليلة وليست كثيرة، وإليكها:
(1) عبد الله بن أحمد بن بكر. السنن (4/ 304).
(2) عثمان بن علي الصَّيدلاني. السنن (4/ 220).
¬__________
(¬1) المقاصد الحسنة رقم (14) ص (15).
(¬2) المجموع في ترجمته رحمه الله (2/ 583).

الصفحة 28