كتاب تاريخ الزواوة

وإنا قوم لا نرى القتل سبة ... إذا ما رأته عامر وسلول
ومن محامد الزواوة إطعام البائس الفقير بقواعد ونظامات خاصة عجيبة بحيث لا يبيت الإنسان الأجنبي عندهم بلا شيء وعنايتهم بالأجنبي أكثر أيا كان وصرفهم في ذلك منتظم لم يكن عند أمة من الأمم وينزلون الضيوف منازلهم على طريق السنة.
ومن محامدهم التحكيم ثم لا يجدون في أنفسهم حرجا مما قضى به الحكم بل يسلمون تسليما.
ومن محامدهم حسن ترتيب الكلام عند الخصام دعوى وجوابا وإن كانوا كثيرين في القضية فلا يتكلم إلا اثنان واحد لكل فريق وليس فيهم شيء من عيب أعراب افريقية الذين يتكلمون وفي الخصام كلهم دفعة واحدة فيكثر الوغى حتى لا يكاد الحكم يفقه شيئا حسبما شهدنا ذلك في المحاكم الشرعية إذ كنا في العدالة وهناك انتهينا إلى هذه لخصلة ذلك بأن الشيء يعرف بضده.
ومن محامدهم الاجتماع والجماعة وذلك الأمر المدني العظيم الشأن سواء كان الاجتماع للصلاة أم لشؤونهم الدنيوية والحال أن من أسرار الاجتماع للصلاة قضاء مصالح أخرى اجتماعية وترى أهل القرية مجتمعين كلما عرض لهم شأن ما ولهم في ذلك قوانين وضعية شرعية وعرفية لا يتهاون بها إذ يلزم لذلك ما يلزم من الجزاء الوفاق.
ومن محامدهم بل غرائزهم الروح العسكرية والخدمة الجندية وتاريخهم في ذلك لا يستوفي وبما تقدم من الإشارة كفاية وبقي ذلك فيهم إلى اليوم

الصفحة 107