كتاب تاريخ الزواوة

يتبادر بل بطبيعة حالهم من كثرة جموعهم وغلبة محيطهم وقد خطر ببالي الآن أنهم إنما سموا الزواوة لكثرة جموعهم إذ معنى زوى الشيء جمعه فهو زاو وأزوى جاء ومعه غيره ومن أجل ذلك يندغم فيهم من يساكنهم أو يجاورهم والمحيط غلاب بطبيعته لا يظلمه ولا يتعديه المقصودة سر الله في الوجود، ولهذا لا تجد في الزواوة يهوديا ولا نصرانيا ولا مذهبا غير مذهب مالك ولا قراءة غير قراءة ورش وقد كانوا في العقيدة سلفيين ثم شيعيين ثم أشعريين ومنها عدم نجاح مدية عظيمة بقربهم وأخرى من بينهم بأن تكون تلك المدينة ذات قصور كبيرة وذلك لاستغنائهم عنها بدورهم وقراهم المتوسطة الكثيرة بلا تطاول في البنيان ومنها ظهورهم واشتهارهم في كل بلدة يحتلونها قديما وحديثا أما في القديم أعني منذ نزوحهم من اليمن كما تقدم فكانوا على جانب عظيم من القوة وكثرة الجموع ولكن الشهرة العظيمة حازوها في الإسلام وكان لهم الحظ الوافر في فتح الأندلس ووقائع ذلك الرجل العظيم يوسف بن تاشفين إذ عبر بهم مرارا إلى الأندلس وهم الذين نصروا إدريس الأكبر والأصغر وبهم قام أبو عبد الله الشيعي وبجموعهم احتل جوهر القائد الفاطمي مصر والإسكندرية وتأسست هنالك الفاطميين كما تقدم واشتهروا في العهد الأخير في تونس والشام واعتبروا في الشام بالمغاربة وأظن أن ذلك بدهاء المرحوم الأمير عبد القادر ذلك الرجل العظيم الذي يعرف كيف يؤكل الكل الكتف فجمعهم باسم المغاربة أشمل وأعم من اسم الزواوة ولو لم تكن نسبة غير الزواوة في الشام واحدا في المائة وقد اعتز بهم الأمير كما اعتز بهم قبله أبو عبد الله الشيعي والمعز لدين الله ومولاه القائد

الصفحة 109