كتاب تاريخ الزواوة

وفساد أدب النفس بأدب الدرس المختلط بما يذكرنا من الفحش والتفاحش. ومن القرى في الزواوة من يمنعون المغنيين من الغناء ولو في الوليمة بسبب ما ذكر. لم أدر أن والدي رحمه الله ضربني غير مرة واحدة وأنا يافع لأنه سمعني أغني مع الولدان، وأن الصبي إذا تلفظ بكلمة فحش يضرب عنها وكذلك الخدم وجميع الصغار، ويستحيون من كثرة الأكل ولهم في ذلك آداب وقواعد في مواضع فإنهم إذا رأوا أن الطعام قليل فلا يأكلون إلا قليلا. وإن كبرائهم وشرفائهم وأهل العلم منهم لا يأكلون في الأسواق ولا في الشوارع طبق القاعدة الإسلامية وأنها من لوازم العدالة والمروءة ومنها شدة التحفظ من العار أن يصاب به الرجل أو امرأة والتشديد الزائد فوق التصور في أمر العهر فإن الزناة عندهم يقتلون ولا يحاكمون ولا يشهد أنس ولا جان أنه يوجد في أرض الزواوة قديما أو حديثا ابن مجهول الأب وذلك أن المرأة إذا وقع ونزل حملت من زنى فإنها لا تبقي بقيد الحياة إلى الوضع بل تقتل من أهلها وذريتها لأنها حملت لهم العار أو تنتحر هي بالتسمم فهي كما في المثل بيدها لا بيد عمرو وفي المعنى شدة الحياء والحياء من الإيمان قال فيهم الشاعر:
قوم لهم شرف العلى س حمير ... وإذا انتهوا صنهاجة فهم هموا
لما حووا إحراز كل فضيلة ... غلب الحياء عليهم فتلثموا
وعن ذكر الملثمين نقول: أنهم صنهاجيون وأنهم كانوا مضرب الأمثال في الشجاعة والإقدام وأنجبوا رجالا عظماء مثل يوسف بن تاشفين رحمه الله فإند ملأ ذكره الأسماع، وصار تعظيمه والإعجاب به كلمة إجماع، بين المؤرخين المشارقة والمغاربة وكتبوا تاريخه بحبر الحبور، والأجدر أن يكتب

الصفحة 113