كتاب تاريخ الزواوة

للدولة .. ولعل البداية كانت هنا في جزائرنا منذ عشرينيات القرن التاسع عشر وامتدت إلى لبنان ثم تطورت على يد الأمير عبد القادر خلال المقاومة الباسلة التي أبداها شعبنا ضد الاحتلال الفرنسي وأخذ هذا المفهوم، مفهوم الدولة العربية شكله المتبلور عام 1877 حين انتخبب زعماء المشارفة الأمير عبد القادر ليؤسس دولة عربية مسلحة مستقلة عن تركيا المسلمة يساعده في ذلك أولئك الرجال البربر الذين ساندوه وساعدوه بسيوفهم في حماية نصارى الشام العرب من المسلمين غير العرب (أتراك وأكراد) الذين دفعت بهم تركيا وفرنسا وبريطانيا إلى أتون الحرب الأهلية عام 1860، ولا يمكن للبربر أن يقودوا حركة التحرير القومي العربي في المشرق العربي سواء بزعامة الأمير عبد القادر أو غيره لو نظر إليهم المشارقة أو نظروا هم لأنفسهم ككيان آخر خارج التشكيل العربي سواء من الناحية السلالية العرقية أو من الناحية الاقتصادية أو من الناحية الدينية والاجتماعية التنظيمية أو من ناحية الأخلاق.
ويبدوا لي في هذا الفصل المخصص لمحامد الزواوة وخصائصهم أن الشيخ أبو يعلى قد فلت من فخ وقع ويقع فيه غيره الكثير من العرب والعجم والروم. ألا وهو فخ المقارنة بين الشعوب والأمم وتعداد مناقب هذا الشعب وإظهارها .. والحال هو أن كل شعوب الأرض متساوية وكلها أصيلة، وكلها تحمل ذات المناقب والمحامد فليس هناك شعب يقول عن نفسه أنه بخيل مثلا أو جبان. فكل شعوب الأرض هي بنظر نفسها عظيمة وهذه هي صفة الإنسان السوي الصحيح، فالإنسان مهما كان فردا أو شعب فاليهودي لا يعتبر نفسه

الصفحة 47