كتاب تاريخ الزواوة

شعوبهم، فموباسان وفيكتور هيجو وألبير كامو وغيرهم من الفرنسين الذين احتقروا الجزائريين بربرا وعربا مثلهم مثل شكسبير الإنجليزي الذي احتقر اليهود وروديارد كيلنغ الذي احتقر الهنود، مثلهم مثل اليهودي في التوراة الذي احتقر كل شعوب الأرض .. إنما هؤلاء جميعا يحتقرون أنفسهم ويضللون شعوبهم وينقلون الاعتزاز الوطني والقومي إلى الانغلاق عبر الاستهلاك وصولا إلى الأنانية والفناء.
وهكذا فإن شيخنا كان متحصنا بثقافته العربية الإسلامية التي لا تقبل الميز بين الشعوب، فذكر محامد الزواوة كجزء من محامد العرب، وذكر محامد العرب كجزء من محامد الزواوة، وذكر الجميع بأن للروم وللأعاجم محامدهم، وهذه صفة الإنسان "الأممي" بالمعنى الواسع والحقيقي .. فمهما اختلفنا اليوم في النظرة إلى الإسلام كفلسفة أو دين فإن الحقيقة تظل هي الحقيقة فالإسلام هو أول دين أممي يعلن صراحة عن أمميته وأن لا فرق بين البشر أبيضهم وأسودهم عربهم وعجمهم .. فهذه هي الحقيقة حتى وإن لم يطبقها المسلمون، سواء كان الإسلام دينا "اخترعه" محمد أو "أنزل" من السماء .. وسواء كان "تقدميا" أو "رجعيا" فالحقيقة تظل هي الحقيقة، والإنسان الأممي والدين الأممي لا يمكن أن يكون إرهابيا.
والواقع أن الاستعمار وسيلته الأولى هي احتقار الشعوب وإقناعها بأنها أقل شأنا منه، وإذا كان الاستعمار الفرنسي يضم كل عمل عربي بالرداءة خدمة عرب فإن المستعبدين الأتراك كانوا يقولون: (إن حافر حصان التركي أفضل من أي بني عربي) ولا زال الإنجليزي حتى اليوم يعتبر الهندي بقرة .. ،

الصفحة 50