كتاب تاريخ الزواوة

والاستعمار يحتقر الشعوب ويسعى لأن يقتنع هي بحضارتها ثم يعمد في نفس الوقت إلى أن تحتقر فئات الشعب الواحد بعضها بعضا ويشجع على ذلك فيقوم رجاله من العساكر والإداريين والمبشرين بنشر هذه الأفكار الخبيثة، فيقولون للقبائل أنكم أفضل من الشاوية وأكثر تمدنا وأن الشاوي بغل همجي، ويقولون للشاوية أن القبائل عنصريين يأكلون الخنزير ولا يغارون على شرفهم .. ثم يعمدون إلى تحريض هؤلاء ضد العرب والعرب ضد بعضهم وضد هؤلاء.
وليس الاستعمار الفرنسي وحده الذي يفعل ذلك بل الاستعمار الإنجليزي أيضا، ففي الخليج العربي والعراق مثلا حرض السنة ضد الشيعة والأكراد ضد العرب .. بل وصل الأمر في بلاد الشام إلى تحريض أهل المدن على أهل الريف كما في مصر بحري ضد الصعيد .. بل وفي منطقة الزواوة موضوع هذا الكتاب نجد الاستعمار قد دق الأسافين بين زواوة بجاية وزواوة تيزي وزو يعد قبائلي ومرابط.
وللأسف الشديد فإن مثل هذه السخافات التي تخطتها الشعوب جميعا .. وهي تصنع مجد الإنسان على وجه هذه المعمورة، تجد لها عند بعض أدعياء الثقافة والتقدمية والعصرنة من الجزائريين أذانا صاغية، فهناك بعض منهم ينضم إلى الأكاديمية البربرية في باريس وهو يعلم أهدافها الخبيثة وبعض منهم ينضم إلى معهد العالم العربي فيها وهو يعلم أهدافه الخبيثة بل هناك نفر ينضم إلى المؤسستين في نفس الوقت وينتج إنتاجا أقل ما يمكن وصفه به أنه إنتاج يخدم أفكارا تجاوزتها البشرية فلم تعد عصرانية ولم تعد تقدمية ولم تعد

الصفحة 51