كتاب بيوت الصحابة حول المسجد النبوي

المبحث الرابع موضع قبر السيدة فاطمة رضي الله عنها
توفيت سيدة نساء أهل الجنة فاطمة رضي الله عنها في بيتها الذي كان بجوار حجرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ودفنت في البقيع، وقيل: دفنت في بيتها، والقول الأول هو الراجح والمعتمد، ويدل على ذلك ما يلي:
أولاً: إن فاطمة رضي الله عنها كانت تستحي أن تحمل بعد الوفاة كما يحمل الرجال بأن يطرح عليها الثوب فيصف جسدها الشريف، ولما رأت هودجا (1) عملته أسماء بنت عميس (2) لتحمل فيه للدفن أوصت أن تحمل فيه بعد أن تموت، كما روي عن أم جعفر ان فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت لأسماء بنت عميس: يا أسماء إني قد استقبحت ما يصنع بالنساء، إنه يطرح على المرأة الثوب فيصفها. قالت أسماء: يا ابنة رسول الله ألا أريك شيئاً رأيته بأرض الحبشة فدعت بجرائد رطبة فحنتها، ثم طرحت عليها ثوباً. فقالت فاطمة: ما أحسن هذا وأجمله! تعرف به المرأة من الرجل، فإذا أنا مت فاغسليني أنتِ وعليٌ ولا تدخلي عليَ أحداً ... فلما توفيت فاطمة جعلت لها أسماء مثل هودج العروس وقالت: أمرتني فاطمة أن أصنع ذلك لها. (3)
وروى ابن شبة أيضا فاطمة رضي الله عنها قالت: إني لأستحيي من
__________
(1) الهودج: مركب النساء، القاموس المحيط هـ د ج.
(2) أسماء بنت عميس بن معد تزوجها ابو بكر بعد ان استشهد زوجها جعفر بن أبى طالب فولدت محمدا، الإصابة (4/ 225) رقم الترجمة 51.
(3) تاريخ المدينة المنورة لابن شبة (1/ 105) حلية الأولياء (2/ 42) أسد الغابة (6/ 226).

الصفحة 171