كتاب بيوت الصحابة حول المسجد النبوي

المسجد، كانت بيوتاً مبنية باللبن، ولها حجر من جريد عددت تسعة أبيات بحجرها، ورأيت بيت أم سلمة وحجرتها من لَبِن (1).
وقال عطاء الخراساني: (2) أدركت حجر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم من جريد النخل على أبوابها المسوح من شعر (3).
وهكذا نرى أن النبي صلى الله عليه وسلم عاش في هذه البيوت المتواضعة، ولم يهتم بزخارف الحياة الدنيا ومتاعها القليل، رغبة فيما عند الله من النعيم المقيم، وليس ذلك لعجزه عن أسباب الرفاهية وإنما هو اختيار وإيثار للآخرة على الأولى، ودرس للأمة بأن مظاهر الدنيا ليست مقياساً للفوز والفلاح في الدنيا والآخرة، ولذا قال سعيد بن المسيب عندما هدمت هذه الحجرات:
"والله لوددت انهم تركوها على حالها، ينشأ ناشيء من المدينة ويقدم قادم من الآفاق، فيرى ما اكتفى به رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته ويكون ذلك مما يزهد الناس في التكاثر والتفاخر بها " (4).
__________
= دير سمعان قرب الحلب، قال انس: ما رأيت أحداً أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى، كان فقيهاً محدثاً، المعارف ص 362، تهذيب التهذيب (7/ 475 - 478).
(1) الوفا باحوال المصطفى صلى الله عليه وسلم لابن الجوزي (1/ 406).
(2) هو عطاء بن أبي مسلم الخراساني، مولى المهلب بن أبي صفرة الازدي، نزيل الشام، روى عن الصحابة مرسلاً كابن عباس والمغيرة بن شعبة وابي هريرة وغيرهم، تابعي ثقة صدوق لم يسمع من الصحابة الا من انس ولد سنة 50هـ، وتوفي سنة 135 هـ تهذيب التهذيب لابن حجر (7/ 212 - 215) ميزان الاعتدال للذهبي (3/ 73)
(3) الوفا بأحوال المصطفى صلى الله عليه وسلم 1/ 406).
(4) وفاء الوفا (2/ 461).

الصفحة 23