كتاب بيوت الصحابة حول المسجد النبوي

المبحث الرابع فقر أهل الصفة وما تحملوه في سبيل الإسلام
لقد أثنى الله عز وجل عليهم في كتابة العزيز حيث قال: {للفقراء الذين احصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضرباً في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس الحافاً…) الآية (1).
قال السدي ومجاهد وغيرهما: المراد بهؤلاء الفقراء فقراء المهاجرين من قريش وغيرهم وإنما خص فقراء المهاجرين بالذكر لأنه لم يكن هناك سواهم وهم أهل الصفة، وذلك انهم كانوا يقدمون فقراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما لهم أهل ولا مال فبنيت لهم صفة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل لهم أهل الصفة. (2)
وعن ابن كعب القرظي (3) في قوله جل ثناؤه {للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله …) قال: هم أصحاب الصُفة وكانوا لا مساكن لهم بالمدينة ولا عشائر فحثَ الله عليهم الناس بالصدقة (4).
وفي الأحاديث التالية تصوير لما كان أهل الصفة يصبرون عليه من الجوع وشدة الحال في سبيل الإسلام.
عن أبي هريرة رضي الله عنه كان يقول: الله الذي لا الله إلا هو إن كنت لاعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وان كنت لأشد الحجر على بطني من
__________
(1) سورة البقرة: 273.
(2) الجامع لاحكام القران للقرطبي (3/ 339 - 340).
(3) هو محمد بن كعب بن سليم القرظي المدني ابو حمزة ولد سنة اربعين وهو ثقة عالم توفي سنة عشرين ومائة وقيل قبل ذلك، تقريب التهذيب ترجمة رقم 6257.
(4) الطبقات الكبرى (1/ 255).

الصفحة 52