كتاب بيوت الصحابة حول المسجد النبوي

الله صلى الله عليه وسلم فيأمر كل رجل فينصرف برجل ويبقى من بقى من أهل الصفة عشرة أو أقل فيؤتى النبي صلى الله عليه وسلم بعشائه ونتعشى معه، فإذا فرغنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ناموا في المسجد. (1)
وعن عبد الرحمن بن أبي بكر (2) رضي الله عنهما أن أصحاب الصفة كانوا أناسا فقراء، وان النبي صلى الله عليه وسلم قال مرة: من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث، ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس أو سادس، أو كما قال: وان أبا بكر جاء بثلاثة وانطلق النبي ص صلى الله عليه وسلم بعشرة وتعشى أبو بكر عند النبي صلى الله عليه وسلم ثم لبث حتى صلى العشاء ثم رجع فلبث حتى تعشى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء بعد ما مضى من الليل ما شاء الله، قالت له امرأته: ما حبسك عن أضيافك أو ضيفك؟ قال أو عشيتهم؟ قالت: أبوا حتى تجيء قد عرضوا عليهم فغلبوهم قال: فذهبت فاختبأت. فقال: يا غنثر (3) - فجدع وسب- وقال: كلوا وقال: لا أطعم أبدا. قال: وايم الله ما كنا نأخذ من اللقمة إلا ربا من أسفلها اكثر منها حتى شبعوا، وصارت أكثر مما كانت قبل فنظر فإذا شيء، أو اكثر فقال لامرأته: يا أخت بني فراس، قالت: لا وقرة عيني لهي الآن اكثر مما قبل بثلاث مرار فأكل منها أبو بكر وقال: إنما كان للشيطان- يعني يمينه- ثم آكل منها لقمة ثم حملها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأصبحت عنده وكان بيننا وبين قوم عهد فمضى الأجل ففرقنا اثنا عشر رجلاً
__________
(1) الجامع لاحكام القران للقرطبي (3/ 340)
(2) هو عبد الرحمن بن ابي بكر الصديق، شقيق عائشة رضي الله عنها، اسلم قبل الفتح عن ابن المسيب انه لم يجرب عليه كذبة قط، مات في نومه سنة 53 هـ/ وقيل بعد ذلك ودفن بمكة، تهذيب التهذيب (6/ 146، 147).
(3) غنثر بضم المعجمة وسكون النون وفتح المثلثة وضمها، هو الثقيل الوخم وقيل: الجاهل. من الغثارة: الجهل، والنون زائدة وروي بالعين المهملة والتاء بنقطتين، النهاية في غريب الحديث (3/ 389).

الصفحة 55