كتاب بيوت الصحابة حول المسجد النبوي

الله وقوته وليطلعني عليه ولم يمض كبير وقت على ذلك حتى قدم لي البحث المذكور بعد أن حصل على التصريح بطبعه ملتمساً مني قراءته وإبداء ما أراه من ملاحظات قبل طبعه. وبالحقيقة فإني قد استعرضت البحث ومررت عليه مرور الكرام ولم أتتتبعه من ألفه إلى يائه غير أني حمدت له هذا الصنيع وشكرت له هذا المجهود الكبير.
وإني وان كنت اعتقد أن تحديد المواضع للدور وغيرها ظني وتقريبي وليس أمراً يقينياً غير أن ما قارب الشيء قد يعطي حكمه، وسيقف القاري الحصيف (1) على أن الأستاذ / محمد إلياس تحرى ألا يكتب جملة إلا بعد توثيقها بأقوال السابقين ورواياتهم، وهذا ما يعفيه ويؤدي إلى غض النظر عن بعض الهنات (2)، فيه والقضية تاريخية اجتهادية والمجتهد إن أصاب له أجران وان اخطأ فله أجر واحد ولا يلام المرء بعد اجتهاد. كما أنني أعتقد أن طرق هذه الجوانب التاريخية لا يجوز أن يؤخذ من باب التبرك والاعتقاد المشين (3) بل من باب العبرة والاعتبار. وقديماً تمنى سيد التابعين سعيد بن المسيب رحمه الله أن لو بقيت حجر زوجات النبي صلى الله عليه وسلم على وضعها عند ما هم الوليد بن عبد الملك بهدمها، لتعتبر الأجيال القادمة وتتعظ ولا سيماانه قد طغى سيل الماديات واجتاح الأخضر واليابس مما بقي من الأخلاق والمكرمات.
وتحضرني أبيات استحسنتها قرظ بها الأستاذ/ أحمد عبيد كتاب آثار المدينة للأنصاري إذ يقول:
شوقتنا الآثار للاعيان ... وأثارت كوامن الأشجان
رب حرف أغناك عن صفحات ... رب رمز كفاك عن تبيان
ولكم في مدينة المصطفى من ... ذكريات تفيض بالإحسان
ربما شاقت النفوس إلى الما ... ضي وما فيه من جليل المعان
__________
(1) المتمكن.
(2) الأخطاء اليسيرة.
(3) المعيب.

الصفحة 6