كتاب بيوت الصحابة حول المسجد النبوي

مما أوتوا يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) (1).
وقال ياقوت الحموي (2) مشيراً إلى ذلك: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجراً إلى المدينة أقطع الناس الدور والرباع (3) فخط لبني زهرة في ناحية من مؤخر المسجد وكان لعبد الرحمن بن عوف الحصن المعروف به (شمالي المسجد) وجعل لعبد الله وعتبة ابني مسعود الهذليين الخطة المشهورة بهم عند المسجد (في الجهة الشمالية منه) وأقطع الزبير بن العوام بقيعاً واسعاً، وجعل لطلحة بن عبيد الله موضع دوره، ولأبي بكر الصديق موضع داره عند المسجد، واقطع كلاً من عثمان بن عفان وخالد بن الوليد والمقداد وغيرهم مواضع دورهم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع أصحابه هذه القطائع، فما كان في عفاً (4) من الأرض فإنه أقطعهم إياه وما كان من الخطط المسكونة العامرة فان الأنصار وهبوه له فكان يقطع من ذلك ما شاء، وكان أول من وهب له خططه ومنازله حارثة بن النعمان، فوهب له ذلك واقطعه صلى الله عليه وسلم. (5)
وهكذا بنى الصحابة رضي الله عنهم بيوتهم حول المسجد النبوي الشريف قريباً منه صلى الله عليه وسلم وأحاطوا به إحاطة السوار بالمعصم وكانت نوافذ هذه البيوت
__________
(1) سورة الحشر، 8, 9.
(2) هو شهاب الدين ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي، أبو عبد الله، اخذ أسيرا من بلاد الروم، وهو حدث فاشتراه تاجر من بغداد اسمه عسكر الحموي فنسب اليه، وتعلم فاعتقه ولما مات مولاه جعل يتنقل من بلد إلى آخر، وقد استفاد برحلاته فوائد جغرافية سنت له تأليف كتاب معجم البلدان، توفي بحلب سنة 626هـ/ 1228م، معجم البلدان، (1/ 6)
(3) الربع الدار بعينها حيث كانت وجمعها رباع وربوع، مختار الصحاح للرازي، ر ب غ.
(4) ولعل الصحيح عفاءٍ من الأرض أي المكان الخالي من البناء.
(5) معجم البلدان لياقوت الحموي (5/ 86) ..

الصفحة 9