كتاب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد

وله عن عقبة بن عامر مرفوعا: " من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له " 1 وفي رواية: " من تعلق تميمة فقد أشرك " 2.
__________
قوله: "وله عن عقبة بن عامر مرفوعا: " من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له " وفي رواية3:
" من تعلق تميمة فقد أشرك " 4. الحديث الأول رواه الإمام أحمد كما قال المصنف، ورواه أيضا أبو يعلى والحاكم، وقال: صحيح الإسناد وأقره الذهبي. قوله: "وفي رواية" أي من حديث آخر رواه أحمد فقال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا عبد العزيز بن مسلم حدثنا يزيد ابن أبي منصور عن دجين الحجري عن عقبة بن عامر الجهني " أن رسول الله صلي الله عليه وسلم أقبل إليه رهط فبايع تسعة وأمسك عن واحد، فقالوا: يا رسول الله، بايعت تسعة وأمسكت عن هذا؟ فقال: إن عليه تميمة فأدخل يده فقطعها، فبايعه وقال: من تعلق تميمة فقد أشرك " ورواه الحاكم بنحوه. ورواته ثقات.
ولابن أبي حاتم عن حذيفة " أنه رأى رجلا في يده خيط من الحمى فقطعه،
قوله: "عن عقبة بن عامر" صحابي مشهور فقيه فاضل، ولي إمارة مصر لمعاوية ثلاث سنين، ومات قريبا من الستين. قوله: " من تعلق تميمة "5 أي علقها متعلقا بها قلبه في طلب خير أو دفع شر. قال المنذري: "خرزة كانوا يعلقونها يرون أنها تدفع عنهم الآفات، وهذا جهل وضلالة؛ إذ لا مانع ولا دافع غير الله تعالى".
وقال أبو السعادات: "التمائم جمع تميمة وهي خرزات كانت العرب تعلقها على أولادهم يتقون بها العين في زعمهم، فأبطلها الإسلام".
قوله: " فلا أتم الله له " دعاء عليه.
قوله: " ومن تعلق ودعة " بفتح الواو وسكون المهملة. قال في مسند الفردوس: "شيء يخرج من البحر يشبه الصدف يتقون به العين".
قوله: " فلا ودع الله له " بتخفيف الدال. أي لا جعله في دعة وسكون. قال أبو السعادات: وهذا دعاء عليه. قوله: "وفي رواية: من تعلق تميمة فقد أشرك" قال أبو السعادات: إنما جعلها شركا؛ لأنهم أرادوا دفع المقادير المكتوبة عليهم، وطلبوا دفع الأذى من غير الله الذي هو دافعه.
__________
1 أحمد (4/154) ، والحاكم (4/ 216, ,417) ، وابن حبان (1413- موارد) . وإسناده ضعيف كما أشار إلى ذلك الألباني في الصحيحة (1/ 810) .
2 أحمد (4/156) ، والحاكم (4/219) وقال المنذري في الترغيب (4/307) ، والهيثمي في المجمع (5/103) : "ورواة أحمد ثقات" اهـ. وصححه الألباني في الصحيحة (492) .
3 ضعيف. أحمد (4/ 154) والحاكم (4/ 216, ,417) وابن حبان (1413- موارد) وإسناده ضعيف كما أشار إلى ذلك الألباني في الصحيحة (1/ 810) .
4 في قرة العيون: وهذا الحديث فيه التصريح بأن تعليق التمائم شرك لما يقصده من علقها لدفع ما يضره أو جلب ما ينفعه، وهذا أيضا ينافي كمال الإخلاص الذي هو معنى لا إله إلا الله؛ لأن المخلص لا يلتفت قلبه لطلب نفع أو دفع ضر من سوى الله كما تقدم في قوله: (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن) . فكمال التوحيد لا يحصل إلا بترك ذلك وإن كان من الشرك الأصغر فهو عظيم, فإذا كان هذا قد خفي على بعض الصحابة - رضي الله عنهم - في عهد النبوة فكيف لا يخفى على من هو دونهم في العلم والإيمان بمراتب بعد ما حدث من البدع والشرك؟ كما في الأحاديث الصحيحة، وتقدمت الإشارة إلى ذلك. وهذا مما يبين معنى لا إله إلا الله أيضا فإنها نفت كل الشرك قليله وكثيره كما قال تعالى: 3: 18.
5 أحمد (4/154) .

الصفحة 120