كتاب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد

ابتلي الناس بهذا لا سيما في مولد البدوي1.
وقال الشيخ صنع الله الحلبي الحنفي في الرد على من أجاز الذبح والنذر للأولياء: فهذا الذبح والنذر إن كان على اسم فلان فهو لغير الله، فيكون باطلا. وفي التنزيل {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} 2، {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَه ُ} 3 والنذر لغير الله إشراك مع الله، كالذبح لغيره.
قوله: " وفي الصحيح عن عائشة – رضي الله عنها – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم – قال: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه".
قوله: "في الصحيح" أي صحيح البخاري.
قوله: "عن عائشة" هي أم المؤمنين، زوج النبي صلي الله عليه وسلم وابنة الصديق - رضي الله عنهما- تزوجها النبي صلي الله عليه وسلم وهي ابنة سبع سنين، ودخل بها وهي ابنة تسع4 وهي أفقه النساء مطلقا، وهي أفضل أزواج النبي صلي الله عليه وسلم إلا خديجة ففيها خلاف5 ماتت سنة سبع وخمسين على الصحيح - رضي الله عنها -.
__________
1 أحمد البدوي بطنطا لا يعرف له تاريخ صحيح, واضطربت الأقوال فيه، والمشهور أنه كان جاسوسا لدولة الملثمين. وكان داهية في المكر والخديعة. وقبره أكبر الأصنام في الديار المصرية; مثل هبل الأكبر أو اللات في الجاهلية. يؤتى عنده من أنواع الشرك الأكبر, وتقدم له النذور ويجعل له الفلاحون النصف والربع في أنعامهم وزروعهم, بل وأولادهم، فيأتي الرجل بنصف مهر ابنته ويضعه في الصندوق قائلا: هذا نصيبك يا بدوي، ويقام له كل عام ثلاثة موالد، يشد الرحال إليها الناس من أقصى القطر المصري، ويجتمع في المولد أكثر من ثلاثمائة ألف حاج إلى هذا الصنم الأكبر. عجل الله بهدمه وحرقه هو وغيره من كل صنم في مصر وغيرها.
2 سورة الأنعام آية: 121.
3 سورة الأنعام آية: 162-163.
4 عقد عليها قبل الهجرة بسنة، وبنى بها بعد الهجرة بسبعة أشهر تقريبا.
5 في قرة العيون: بل لا يقال: خديجة أفضل ولا عائشة أفضل. والتحقيق أن لخديجة من الفضائل في بدء الوحي ما ليس لعائشة من سبقها إلى الإيمان بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وتأييده في تلك الحال التي بدئ بالوحي فيها كما في صحيح البخاري وغيره, فما زالت كذلك حتى توفيت - رضي الله عنها - قبل الهجرة, ولعائشة من العلم والأحاديث والأحكام ما ليس لخديجة لعلمها بأحوال النبي صلى الله عليه وسلم ونزول القرآن وبيان الحلال والحرام, وكان الصحابة - رضي الله عنهم - بعد وفاته صلى الله عليه وسلم يرجعون إليها فيما أشكل عليهم من أحوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وحديثه - صلوات الله وسلامه عليه - ورضي عن أصحابه وأزواجه.

الصفحة 160