كتاب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد
قوله: "كما قال صلي الله عليه وسلم: " جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا " 12" أي فسمى الأرض مسجدا، تجوز الصلاة في كل بقعة منها إلا ما استثنى من المواضع التي لا تجوز الصلاة فيها، كالمقبرة ونحوها.
ولأحمد بسند جيد عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا. " إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد " 3 ورواه أبو حاتم في صحيحه.
قال البغوي في شرح السنة: " أراد أن أهل الكتاب لم تبح لهم الصلاة إلا في بيعهم وكنائسهم; فأباح الله لهذه الأمة الصلاة حيث كانوا، تخفيفا عليهم وتيسيرا، ثم خص من جميع المواضع: الحمام والمقبرة والمكان النجس". انتهى.
قوله: "ولأحمد بسند جيد عن ابن مسعود مرفوعا: " إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد ". ورواه أبو حاتم ابن حبان في صحيحه" 4.
قوله: "إن من شرار الناس" بكسر الشين جمع شرير.
__________
1 البخاري: كتاب الصلاة (438) : باب قول النيي صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا " ومسلم: كتاب المساجد (523) (5) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
2 رواه البخاري ومسلم عن جابر رضي الله عنه, وفيه زيادة: "فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل حيث أدركته".
3 صحيح. أحمد (1/ 435) . ابن حبان (340) في الصلاة: باب ما جاء في الصلاة في الحمام والمقبرة. وقال ابن تيمية في الاقتضاء (158) : وإسناده جيد وصححه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند (3844 , 4143) وصححه الألباني في تحذير الساجد (ص 19) .
4 في قرة العيون: (قلت) وقد وقع هذا في الأمة كثيرا كما وقع في أهل الجاهلية قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم كما لا يخفى على ذوي البصائر. وقد زاد هؤلاء المتأخرون من هذه الأمة على ما وقع من أهل الجاهلية من هذا الشرك بأمور: (منها) أنهم يخلصون عند الاضطرار لغير الله وينسون الله. (ومنها) أنهم يعتقدون أن آلهتهم من الأموات يتصرفون في الكون دون الله. وجمعوا بين نوعي الشرك في الإلهية والربوبية, وقد سمعنا ذلك منهم مشافهة, ومن ذلك قول ابن كمال من أهل عمان وأمثاله: إن عبد القادر الجيلاني يسمع من دعاه ومع سماعه ينفع, فزعم أنه يعلم الغيب وهو ميت، فلقد ذهب عقل هذا وضل فكفر بما أنزله الله في كتابه كقوله: (35: 14) (إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير) . فما صدقوا الخبير فيما أخبر به عن آلهتهم التي كانوا يعبدونها من دون الله, ولا آمنوا بما أنزله الله في كتابه بل بالغوا وعاندوا في رده وكذبوا وألحدوا، وكابروا المعقول والمنقول فالله المستعان.
الصفحة 239
518