كتاب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد

قال ابن خزيمة: وكذا العزى، وكانت شجرة عليها بناء وأستار بنخلة بين مكة والطائف، كانت قريش يعظمونها، كما قال أبو سفيان يوم أحد: "لنا العزى ولا عزى لكم".
قوله: " وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " لعن رسول الله صلي الله عليه وسلم زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج " 1. رواه أهل السنن".
قلت: وفي الباب حديث أبي هريرة وحديث حسان بن ثابت. فأما حديث أبي هريرة فرواه أحمد والترمذي وصححه. 2 وحديث حسان أخرجه ابن ماجه من رواية عبد الرحمن بن حسان بن ثابت عن أبيه قال: " لعن رسول الله صلي الله عليه وسلم زوارات القبور " 3.
وحديث ابن عباس هذا في إسناده أبو صالح مولى أم هانئ، وقد ضعفه بعضهم ووثقه بعضهم. 4 قال علي بن المديني عن يحيى القطان: "لم أر أحدا من أصحابنا ترك أبا صالح مولى أم هانئ. وما سمعت أحدا من الناس يقول فيه شيئا، ولم يتركه شعبة ولا زائدة ولا عبد الله بن عثمان". قال ابن معين: " ليس به بأس، ولهذا أخرجه ابن السكن في صحيحه". انتهى من الذهب الإبريز عن الحافظ المزي.
__________
1 ضعيف بهذا اللفظ. أبو داود: كتاب الجنائز (3236) : باب في زيارة القبور. الترمذي في الصلاة (320) : باب كراهية أن يتخذ القبر مسجدا. والنسائي في الجنائز (4/ 94 , 95) : باب التغليظ في إتخاذ السرج على القبور. وابن ماجة في الجنائز (1575) : باب ما جاء في النهي عن زيارة القبور. بدون قوله: "المتخذين عليها المساجد والسرج". وضعفه الإمام مسلم وغيره بهذه الزيادة. وضعفه الألباني في الضعيفة (225) وتحذير الساجد (43 , 44) بهذا السياق، والحديث صحيح بدون هذه الزيادة كما سيأتي في تخريج رقم [183] .
2 أخرجه الترمذي من طريق عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن زوارات القبور". وقال: هذا حسن صحيح. وأخرجه ابن حبان في صحيحه. قال الترمذي: وفي الباب عن عائشة وحسان بن ثابت. وحديث حسان بن ثابت رواه الإمام أحمد في مسنده أيضا، وروى ابن حبان في صحيحه عن عبد الله بن عمرو حديث فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في عزائها أهل ميت في ميتهم, فقال لها: "لعلك بلغت معهم الكدى؟ قالت: معاذ الله وقد سمعتك تذكر فيها ما تذكر. قال: لو بلغت الكدى معهم ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك".
3 صحيح. أما حديث أبي هريرة. فعند أحمد (2/ 337 , 356) . والترمذي (1056) كتاب الجنائز: باب ما جاء في كراهية زيارة القبور للنساء. وابن ماجة (1576) كتاب الجنائز: باب ما جاء في النهي عن زيارة النساء القبور. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وأما حديث حسان بن ثابت. فعند أحمد (3/ 442 , 443) . وابن ماجة (1574) كتاب الجناثز: باب ما جاء في النهي عن زيارة النساء القبور. والحاكم (374/ 1) . وقد مر من حديث ابن عباس. والحديث صحيح لغيره دون الزيادة المتقدمة في حديث ابن عباس كما قرره الألباني في تحذير الساجد (43) وصحيح الجامع (4985) والضعيفة (225) .
4 وأبو صالح اسمه باذام, أو باذان. وقد صرح في هذا الحديث بالتحديث عن ابن عباس فانتفت تهمة التدليس; ثم قد حسن الترمذي هذا الحديث، وإن كان الحافظ المنذري قد تعقبه عليه. وقال الحافظ ابن القيم في تهذيب سنن أبي داود في باب كراهية اتخاذ القبور مساجد. وفي صحيح أبي حاتم عن أبي صالح عن ابن عباس قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج". قال أبو حاتم: أبو صالح هذا اسمه مهران ثقة. وليس بصاحب الكلبي، ذاك اسمه باذام. وقال الإشبيلي: هو باذام صاحب الكلبي، وهو عندهم ضعيف جدا، وكان شيخنا أبو الحجاج المزي يرجح هذا أيضا. اهـ.

الصفحة 250