كتاب الهداية الى بلوغ النهاية (اسم الجزء: 2)

الرجل إذا وقع في أمر يحتاج إلى معاناة، شمر عن ساقه، فاستعير الساق في موضع الشدة، وهو كثير في القرآن، وإنما هذا في أصل كلام العرب ثم خاطبهم الله على ما يعقلون في كلامهم وما اعتادوا منه.
ومنه قوله: {وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً} [النساء: 49] {وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً} [النساء: 124] إذ لم يرد أنهم لا يظلمون ذلك بعينه، إنما أراد مقدار هذين الحقيرين والعرب تقول: ما رزانه، زبالاً، فالزبال ما تحمله النملة بفيها.
ومنه قوله: {مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ} [فاطر: 13] يريد به التقليل أي ما يملكون من شيء.
ومنه {فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً} [الفرقان: 23] أراد به أبطلناه، كما أن الهباء المنثور مبطل لا فائدة فيه، وهو ما سطع في شعاع الشمس من كوة البيت، والمنبث ما سطع من سنابك الخيل.
ومنه: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ} [إبراهيم: 43] أي: لا تغني خيراً، لأن المكان إذا كان خالياً فهو هواء لا شيء فيه.
ومنه: {وكذلك أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ} [الكهف: 21] أي أطلعنا، وأصله من عثر بشيء وهو غافل ثم

الصفحة 1521