كتاب أحكام المجاهد بالنفس في سبيل الله عز وجل في الفقه الإسلامي

الصورة الثالثة: إذا تلفت عنده في سنة التعريف بتفريط منه.
اتفق الفقهاء (¬1) فيما أعلم على أنه يضمن اللقطة.
جاء في المغني: (وإن أتلفها الملتقط أو تلفت عنده بتفريطه ضمنها.. لا أعلم في ذلك خلافا) (¬2) .
الصورة الرابعة: إذا تلفت اللقطة عنده بعد سنة التعريف.
لا يخلو الحال في هذه الصورة أن يتملك اللقطة ويتصرف فيها، أو لا يتملكها ولا يتصرف فيها. فإن تملكها وتصرف فيها، فقد ذهب عامة الفقهاء (¬3)
في هذه الحالة إلى أنه يضمن اللقطة تعدى أو لم يتعد، بل نقل بعضهم اتفاق الفقهاء على ذلك.
جاء في رحمة الأمة: (إذا مضى على اللقطة حول وتصرف فيها الملتقط بنفقة أو بيع أو صدقة فلصاحبها إذا جاء أن يأخذ قيمتها يوم تملكها بالاتفاق) (¬4) .
واستدلوا بحديث زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن اللقطة فقال: (عرفها سنة فإن لم تعترف فاعرف عفاصها ووكاءها ثم كلها فإن جاء صاحبها فأدها إليه) (¬5) .
وجه الدلالة: أن قوله: (فإن جاء صاحبها فأدها إليه) بعد قوله: (كلها) يقتضي وجوب ردها بعد أكلها، فيحمل على رد البدل (¬6) .
¬_________
(¬1) بدائع الصنائع (5/296) وبداية المجتهد (2/312) والفواكه الدواني (2/285) وروضة الطالبين (5/406) والمجموع مع التكملة (16/171) والكافي في فقه الإمام أحمد (2/254) .
(¬2) المغني (8/313) .
(¬3) فتح القدير (5/352) وحاشية ابن عابدين (6/438) والمعونة (2/1262) والفواكه الدواني (2/284) وروضة الطالبين (5/407) وفتح الباري (5/106) المبدع (5/282) .

وخالف داود الظاهري وبعض الشافعية كالكرابيسي فقالوا: لا ضمان مطلقا؛ لأن قوله - صلى الله عليه وسلم - (فإن جاء صاحبها فأدها إليه) لم يذكر وجوب البدل، انظر فتح الباري (5/106) ونيل الأوطار (5/343) وحلية العلماء (5/531) والمغني (8/313) ويظهر أنه قول ضعيف لا يحتاج إلى مناقشة، للأدلة الصحيحة في ضمان اللقطة إذا استنفقت، ولأنه مال معصوم فلا يسقط حقه منه مطلقا.
(¬4) رحمة الأمة في اختلاف الأئمة ص 364 وانظر: شرح صحيح مسلم للنووي ... (11/269) وبداية المجتهد (2/309) .
(¬5) صحيح مسلم مع شرح النووي، كتاب اللقطة، ح رقم 6- (1722) .
(¬6) فتح الباري (5/107) .

الصفحة 524