كتاب أحكام المجاهد بالنفس في سبيل الله عز وجل في الفقه الإسلامي

يجوز للمجاهد وقف ماله وسلاحه على المجاهدين في سبيل الله وعلى غيرهم، ولا يختلف عن غيره ممن يصح وقفه، جاء في شرح السير الكبير: (لا بأس بأن يحبس الرجل فرسه، وسلاحه في سبيل الله لأن هذا من القرب) (¬1) .
وجاء في المدونة: (من حبس في سبيل الله شيئا فإنما هو في الغزو) (¬2) .
وفي روضة الطالبين: (يجوز وقف السلاح) (¬3) .
وفي المغني:
(إذا وقف على سبيل الله فسبيل الله هو الغزو) (¬4) .
وفي المحلى بالآثار:
(يجوز الوقف في السلاح والخيل في سبيل الله عز وجل) (¬5) .
وبما تقدم يتضح اتفاق الفقهاء -رحمهم الله تعالى- على جواز وقف المجاهد ماله (¬6) وسلاحه (¬7) على المجاهدين في سبيل الله ويؤيد ذلك:
ما جاء عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في البخاري، وفيه (وأما خالد (¬8) فقد احتبس أدرعه (¬9) وأعتده (¬10) في سبيل الله..) (¬11) .
¬_________
(¬1) شرح السير الكبير (5/254) وانظر كذلك: البحر الرائق (5/337) والمبسوط (12/33) .
(¬2) المدونة (6/98) وانظر كذلك: الكافي في فقه أهل المدينة المالكي (2/1021) .
(¬3) روضة الطالبين (5/314) .
(¬4) المغني (8/209) .
(¬5) المحلى بالآثار (8/149) .
(¬6) التبرعات المنجزة، كالوقف إذا كانت في حال الصحة فهي من رأس المال بلا خلاف وإن كانت في مرض مخوف اتصل به الموت من ثلث المال في قول الجمهور، ويلحق بالمرض المخوف وقف المجاهد عند التحام الحرب، فإن وقفه يكون من الثلث، انظر: تكملة المجموع ... (16/421) والمغني (8/474) والذخيرة (7/137) والمعونة (3/1601) .
(¬7) في رواية عند الإمام أحمد، لا يصح وقف السلاح، وهي خلاف المذهب، انظر: الإنصاف (7/7) والوقوف من مسائل الإمام أحمد (2/690) .
(¬8) هو: خالد بن الوليد بن المغيرة القرشي المخزومي، أحد أشراف قريش في الجاهلية شهد معها الحروب إلى عمرة الحديبية ثم أسلم سنة سبع من الهجرة بعد خيبر، وقيل: قبلها، وشهد غزوة مؤتة، وفتح مكة لقبه النبي - صلى الله عليه وسلم - (بسيف الله المسلول) قاتل مع أبي بكر الصديق في حروب الردة، وحرب فارس والروم، وعزله عمر بن الخطاب عن الشام، مات بحمص، وقيل بالمدينة، انظر الإصابة (2/215) ت رقم (2206) وأسد الغابة (1/586) ت رقم (1399) .
(¬9) أدرعه: جمع درع، وهو لبوس من حديد يصد السيف والرمح والسهم، فلا ينفذ منه.
انظر: لسان العرب (8/81) مادة (درع) وتاريخ الحرب في الإسلام ص (165) .
(¬10) أعتده العتاد: ما يعده الرجل من الدواب والسلاح وآلة الجهاد، انظر: فتح الباري (3/425) ومعالم السنن للخطابي (2/46) .
(¬11) أخرجه البخاري مع الفتح، كتاب الزكاة، باب قوله تعالى: (وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله) ح رقم (1468) .

الصفحة 531