كتاب أحكام المجاهد بالنفس في سبيل الله عز وجل في الفقه الإسلامي

المطلب الثاني
نفقة الفرس الموقوف على الجهاد
ذهب الفقهاء (¬1) -رحمهم الله تعالى- أن الواقف إن شرط أن تكون نفقة الفرس الحبيس على الجهاد في ماله فإنه ينفق عليه من ماله، وفي هذا فضل عظيم وثواب جزيل.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من احتبس فرسا في سبيل الله، إيمانا بالله وتصديقا بوعده، فإن شبعه وريه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة» (¬2) .
وعن تميم الداري - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (من ارتبط فرسا في سبيل الله، ثم عالج علفه بيده كان له بكل حبة حسنة) (¬3) .
فإن لم يشرط أن ينفق عليه فلا يلزمه نفقته، ولا تلزم المحبس عليه كذلك، وإنما ينفق عليه من منافعه إن أمكن دون أن يخل ذلك بالنفع الموقوف من أجله (¬4) فإن لم يمكن الإنفاق عليه من منافعه فمن بيت مال المسلمين (¬5) .
فإن لم يوجد بيت مال للمسلمين، فإنه يباع ويشترى بثمنه سلاح لا يحتاج إلى نفقة، فيوقف مكانه (¬6) .
ويمكن أن يقاس على الفرس الحبيس للجهاد كل سلاح جعله صاحبه وقفا في سبيل الله ويحتاج إلى نفقة لصيانته وإصلاح ما يفسد من أجزائه، ونحو ذلك، والله أعلم.
¬_________
(¬1) الكافي في فقه الإمام أحمد (2/330) والإنصاف (7/70) ومغني المحتاج (3/556) والمدونة (6/110) .
(¬2) صحيح البخاري مع الفتح، كتاب الجهاد والسير، باب من احتبس فرسا في سبيل الله ح رقم (2853) .
(¬3) أخرجه ابن ماجة في سننه، كتاب الجهاد، باب ارتباط الخيل في سبيل الله، ح رقم ... (2791) والإمام أحمد عن أسماء بنت يزيد ج (18/597) ح رقم (27465) .
(¬4) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (4/90) وحاشية ابن عابدين (6/559) ومغني المحتاج (3/556) وروضة الطالبين (5/351) والكافي في فقه الإمام أحمد (2/330) والإنصاف (7/71) .
(¬5) المراجع السابقة.
(¬6) حاشية ابن عابدين (6/573) والقوانين الفقهية ص 319 وقال ابن الماجشون من المالكية: لا يجوز ذلك.

الصفحة 532