كتاب أحكام المجاهد بالنفس في سبيل الله عز وجل في الفقه الإسلامي

الفرع الثاني
الوصية للمجاهد في سبيل الله
تجوز الوصية للمجاهد في سبيل الله، ولا يختلف عن غيره ممن تجوز له الوصية ولا أعلم خلافا بين الفقهاء (¬1) رحمهم الله تعالى في ذلك، بل هو أولى بالوصية من غيره.
جاء في المغني: إن أوصى للمجاهد بدابة يقاتل عليها، أو بسهم لها، انصرف ذلك إلى الخيل (¬2) .
وفي روضة الطالبين: إذا أوصى له بقوس أعطي ما يرمى به من النبل وغيره (¬3) .
وفي حاشية الخرشي: الشخص إذا أوصى بثلث ماله للغزاة فلا يلزم تعميم الجميع إذ يتعذر ذلك عادة (¬4) .
إذا تقرر جواز الوصية للمجاهد بالسلاح وبالمال سواء كان لمجاهد بعينه، أو لعموم المجاهدين دون تخصيص، فإن المجاهد لا يمتلك الوصية، إلا بالشروط الآتية:
1- أن يموت الموصي قبل موت المجاهد الموصى له.
فإن مات المجاهد الموصى له قبل موت الموصي بطلت الوصية، وهذا قول جمهور الفقهاء من الأئمة الأربعة وغيرهم (¬5) .
¬_________
(¬1) المغني (8/390) وبدائع الصنائع (6/423) والتمهيد لابن عبد البر (14/297) وروضة الطالبين (6/158) .
(¬2) المغني (8/568، 570) انظر: الكافي في فقه الإمام أحمد (2/361) .
(¬3) روضة الطالبين (6/158) وانظر: الحاوي الكبير (8/239) .
(¬4) حاشية الخرشي (8/476) .
(¬5) المغني (8/413) والإنصاف (7/204) وبدائع الصنائع (6/515) والبحر الرائق (9/214) ومواهب الجليل (8/520) والمعونة (3/1636) وروضة الطالبين (6/143) حاشيتا قليوبي وعميرة (3/253) .
وقال الحسن البصري: تكون لولد الموصى له، وقال عطاء: إذا علم الموصي بموت الموصى له ولم يحدث فيما أوصى به شيئا فهو لوارث الموصي له، لأنه مات قبل عقد الوصية فيقوم الوارث مقامه، ويمكن مناقشة هذا: بأن الوصية أنشئت للموصى له لا لورثته وثبوتها له إنما هو بعد موت الموصي، فإذا مات قبله فليس له شيء. انظر: المغني (8/413) وأحكام الوصايا في الفقه الإسلامي ص (436) .

الصفحة 540