كتاب أحكام المجاهد بالنفس في سبيل الله عز وجل في الفقه الإسلامي

4- وعن سهيل بن أبي صالح عن أبيه (¬1) أنه قال: (سألت اثنى عشر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فكلهم يقول: ليس عليه شيء حتى يتربص أربعة أشهر فيوقف، فإن فاء وإلا طلق) (¬2) .
وذهب الحنفية الذين يرون أن مدة الإيلاء أربعة أشهر فأكثر إلى أن مدة الإيلاء إذا انتهت ولم يفيء بالجماع، أو بالقول إذا عجز عن الجماع، فإن المرأة تطلق بمجرد مضي المدة طلقة بائنة (¬3) .
واستدلوا بما يلي:
1- قوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 226، 227] .
وجه الدلالة: أن الفاء في قوله تعالى: {فإن فاءوا} للتعقيب فيقتضي أن يكون الفيء عقب اليمين في مدة التربص، فإن فات الفيء بمضيها، وجب حصول الطلاق إذ غير جائز له أن يمنع الفيء والطلاق جميعا (¬4) وعزيمة الطلاق في قوله تعالى: {وإن عزموا الطلاق} انقضاء الأربعة الأشهر (¬5) .
¬_________
(¬1) هو: سهيل بن أبي صالح -واسم أبي صالح ذكوان- السمان أبو يزيد المدني، روي عن أبيه وسعيد بن المسيب والحارث بن مخلد وغيرهم، وروي عنه ربيعة والأعمش ومالك وغيرهم، وهو ثبت صالح الحديث، وقال النسائي ليس به بأس، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، انظر: تهذيب التهذيب (4/231) ت رقم (464) وميزان الاعتدال (2/243) ت رقم (3604) .
(¬2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الإيلاء باب من قال يوقف المولي بعد تربص أربعة أشهر، ح رقم (15209) وأخرجه الدارقطني في سننه، كتاب الطلاق والخلع والإيلاء ح رقم (3995) .
(¬3) بدائع الصنائع (3/277) والبحر الرائق (4/104) .
(¬4) أحكام القرآن للجصاص (1/435) .
(¬5) المرجع السابق.

الصفحة 563