كتاب أحكام المجاهد بالنفس في سبيل الله عز وجل في الفقه الإسلامي

المطلب الثاني
دية المقتول خطأ في المعركة
اتفق الفقهاء (¬1) -رحمهم الله تعالى- أن المجاهد إذا قتل مسلما في المعركة خطأ أن عليه الدية تحملها العاقلة.
يدل على ذلك ما يلي:
1- قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92] .
قال القرطبي (فحكم الله جل ثناؤه في المؤمن يقتل خطأ بالدية، وثبتت السنة الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، وأجمع أهل العلم على القول به) (¬2) .
2- عن محمود بن لبيد (¬3) قال: (اختلفت سيوف المسلمين على اليمان (¬4) أبي حذيفة ولا يعرفونه فقتلوه، فأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يديه، فتصدق حذيفة بديته على المسلمين) (¬5) .
¬_________
(¬1) شرح السير الكبير (4/225) والبناية على الهداية (12/128) والكافي في فقه أهل المدينة المالكي (1/470) ومواهب الجليل (4/548) والأم (4/246) والمهذب مع تكملة المجموع (20/418) ، والمغني (12/81) والمحرر في الفقه (2/136) .
(¬2) الجامع لأحكام القرآن (5/299) .
(¬3) هو: محمود بن لبيد بن رافع بن عبد الأشهل، الأنصاري الأوسي الأشهلي ولد في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وروي عنه ولذا قال البخاري: له صحبة، وعده بعضهم في التابعين، والأولى ما قاله البخاري للأحاديث التي رواها، كان من العلماء وأكثر روايته عن الصحابة، توفي سنة (96 هـ) وقيل غير ذلك. انظر: أسد الغابة (4/341) ت رقم (4773) والإصابة (6/35) ت رقم (7838) .
(¬4) هو: حسل، ويقال حسيل بن جابر العبسي، أصاب دما في الجاهلية فهرب إلى المدينة وحالف بني عبد الأشهل، فسماه قومه (اليمان) لحلفه لليمانية وهم الأنصار. شهد أحدا فقتله بعض الصحابة خطأ لأنهم لم يعرفوه، انظر: أسد الغابة (1/493) ت رقم (1166) وسير أعلام النبلاء (2/361) عند ترجمة حذيفة بن اليمان.
(¬5) صحيح البخاري مع الفتح كتاب الديات باب إذا مات في الزحام ح رقم (6890) وكتاب المغازي باب إذا همت طائفتان منكم أن تفشلا، ح رقم (4065)) والإمام أحمد في المسند ج (17/62) ح رقم (23529) واللفظ كما في المسند.

الصفحة 602