كتاب أحكام المجاهد بالنفس في سبيل الله عز وجل في الفقه الإسلامي

وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من قتل عمدا فهو قود» (¬1) .
فهذه نصوص جاءت مطلقة لم تحدد الزمان ولا المكان الذي تقام فيه الحدود.
ونوقش استدلال المالكية بإطلاق النصوص بما يلي:
1- أن هذا الإطلاق مقيد بما ثبت من النصوص التي استدل بها الحنابلة، أنه لا يقام الحد في أرض الحرب (¬2) .
2- أن المالكية يقولون بجواز تأجيل الحد لمصلحة المحدود، كبرد شديد، أو حر شديد، أو مرض، فهم بذلك قيدوا النصوص المطلقة (¬3) فكذلك النصوص المطلقة في إقامة الحدود فيلزم تأخير الحد عن المجاهد في أرض العدو حتى يرجع إلى دار الإسلام لمصلحة الإسلام والخوف عليه من اللحوق بالكفار.
وذهب الشافعية (¬4) إلى إقامة الحدود على المجاهد في دار الحرب إلا إذا وجد مانع من إقامة الحد، كالتشاغل بتدبير الحرب، أو الحاجة إلى المحدود في القتال، فإنه يؤجل الحد إلى دار الإسلام، ولم يعتبروا الخوف على المجاهد أن يلحق بالمشركين مانعا من إقامة الحد عليه في دار الحرب.
جاء في الأم (يقام عليه الحد ولا يمنعنا الخوف عليه من اللحوق بالمشركين أن نقيم حد الله تعالى، ولو فعلنا توقيا أن يغضب ما أقمنا عليه الحد أبدا، لأنه يمكنه من أي موضع أن يلحق بدار الحرب فيعطل عنه حكم الله عز وجل وحكم رسوله - صلى الله عليه وسلم - ... ) (¬5) .
واستدلوا بما يلي:
1- (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقام الحد بالمدينة والشرك قريب منها، وحد شارب الخمر يوم حنين والشرك قريب منه) (¬6) .
¬_________
(¬1) سبق تخريجه.
(¬2) راجع أدلة القول الأول.
(¬3) جواهر الإكليل بهامش مواهب الجليل (2/286) والحدود والتعزيرات عند ابن القيم ص (66) .
(¬4) الحاوي الكبير (14/210) والمهذب مع تكملة المجموع (21/214) .
(¬5) الأم (4/248) .
(¬6) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب السير باب إقامة الحدود في أرض العدو ح رقم (18217) وأورد آثارا أخرى منها: (أقيموا الحدود في الحضر والسفر على القريب والبعيد ولا تبالوا في الله لومة لائم) ح رقم (18221) .

الصفحة 611