كتاب أحكام المجاهد بالنفس في سبيل الله عز وجل في الفقه الإسلامي

المبحث الثاني
مطالبة المجاهد بالدين (¬1) الحال
سبق بيان أن من عليه دين حال لا يجوز له الخروج إلى الجهاد إذا كان فرض كفاية إلا بإذن صاحب الدين، إلا أن يترك وفاء أو يقيم كفيلا أو يوثق دينه برهن (¬2) .
فإذا حل الدين على المجاهد وهو في الجهاد فإن لصاحب الدين مطالبته بدينه، ويلزمه الوفاء بالدين مع القدرة على ذلك باتفاق الفقهاء (¬3) -رحمهم الله تعالى فيما أعلم- جاء في مراتب الإجماع: (أجمعوا على أن كل من لزمه حق في ماله أو ذمته لأحد ففرض عليه أداء الحق لمن هو له عليه إذا أمكنه ذلك) (¬4) .

يدل على ذلك ما يلي:
1- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مطل الغني ظلم» (¬5) فالحديث دليل على تحريم المطل وهو: المدافعة والتسويف بوعد الوفاء مرة بعد مرة فيؤخر ما استحق أداؤه بغير عذر (¬6) وهذا عام في كل قادر على الوفاء.
¬_________
(¬1) الدين: القرض وثمن المبيع. انظر: المصباح المنير ص (205) مادة (دين)
واصطلاحًا: ما وجب في الذمة بعقد أو استهلاك وما صار في ذمته دينا باستقراضه، فهو أعم من القرض. انظر: حاشية ابن عابدين (7/383)) .
(¬2) راجع: إذن الدائن في خروج المجاهد ص (289) .
(¬3) الحجة على أهل المدينة (2/695) ومختصر اختلاف العلماء (4/280) والمدونة (4/41) وبلغة السالك (2/106) قواعد الأحكام للعز بن بعد السلام (2/24) وعون المعبود ... (9/139) والمغني (6/585) وحاشية الروض المربع (5/165) وتوضيح الأحكام ... (4/115) .
(¬4) مراتب الإجماع لابن حزم ص (58) .
(¬5) أخرجه البخاري مع الفتح، كتاب الاستقراض باب مطل الغني ظلم، ح رقم (2400) ومسلم مع شرح النووي، كتاب المساقاة باب تحريم مطل الغني، ح رقم (1564) .
(¬6) سبل السلام (3/126) وفتح الباري (4/586) وشرح صحيح مسلم (10/486) والمصباح المنير ص (205) .

الصفحة 617