كتاب أحكام المجاهد بالنفس في سبيل الله عز وجل في الفقه الإسلامي

واختلف الفقهاء -رحمهم الله تعالى- كذلك فيما إذا فعلاً المجاهدون فعل معا، ثم شهد بعضهم لبعض على هذا الفعل، كأن يأسروا العدو ثم يشهد بعضهم لبعض أنهم أمنوه.
فذهب الجمهور إلى قبول شهادتهم (¬1) لأنهم عدول من المسلمين غير متهمين في شهادتهم فتقبل شهادتهم (¬2) .
وذهب الشافعية إلى أنها لا تقبل شهادتهم (¬3) لأنهم يشهدون على فعل بعضهم (¬4) .
ونوقش هذا: بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل شهادة المرضعة على فعلها (¬5) .
فكذلك شهادة المجاهدين بعضهم لبعض.
والذي يظهر أن الراجح ما ذهب إليه الجمهور، لأن كون الشهود ممن أسروا العدو، لا يؤثر ذلك على عدالتهم، والله أعلم.
¬_________
(¬1) المبسوط (10/64) والمغني (13/78) والتاج والإكليل بهامش مواهب الجليل (8/193) وبلغة السالك (2/354) وقول المالكية هنا بناء على قبولهم شهادة بعض القافلة في حرابة العدو لهم.
(¬2) المغني (13/78) .
(¬3) روضة الطالبين (10/279) .
(¬4) المرجع السابق.
(¬5) المغني (13/78) ونص الحديث، عن عقبة بن الحارث -رضي الله عنه- (أن امرأة سوداء جاءت فزعمت أنها أرضعتهما فذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - فأعرض عنه وتبسم النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: كيف وقد قيل؟ وكانت تحته ابنة أبي إهاب التميمي) .

قال ابن حجر في شرح الحديث قوله (كيف وقد قيل؟) يشعر بأنه أمره بفراق امرأته لأجل قول المرأة أنها أرضعتها. انظر: صحيح البخاري مع الفتح، كتاب البيوع باب تفسير الشبهات، ح رقم (2052) .

الصفحة 623