كتاب خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام

في الحديث الذي بعده: "بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردَّهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه"، وفي
حديث عبد الله بن عمرو: "ثم مسح برأسه وأدخل إصبعيه السبابتين في أذنيه، ومسح بإبهاميه ظاهر أذنيه".
وفي الحديث التعليم بالفعل؛ لكونه أبلغ وأضبط، والترتيب في الوضوء كما في الآية، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((ابدؤوا بما بدأ الله به)) .
قوله: ((مَن توضَّأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدِّث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه)) : فيه الحثُّ على دفع الخواطر المتعلِّقة بأشغال الدنيا، وجهاد النفس في ذلك، فإن الإنسان يحضُره في حال صلاته ما هو مشغوف به أكثر من خارجها.
وفيه الترغيب في الإخلاص، وقد قال الله - تعالى -: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [هود: 114 - 115] ، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفِّرات لما بينهن إذا اجتُنِبت الكبائر)) .
* * *
الحديث الثامن
عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه قال: "شهدت عمرو بن أبي الحسن سأل عبد الله بن زيد عن وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأكفأ على يديه من التَّوْرِ فغسل يديه ثلاثًا، ثم أدخل يده في التَّوْرِ فتمضمض واستنشق واستنثر ثلاثًا بثلاث غرفات، ثم أدخل يده في التَّوْرِ فغسل وجهه ثلاثًا، ثم أدخل يديه فغسلهما مرَّتين إلى المرفقين، ثم أدخل يديه فمسَح بهما رأسه فأقبل بهما وأدبر مرة واحدة، ثم غسل رجليه".
وفي رواية: "بدأ بمُقدَّم رأسه ذهب بهما إلى

الصفحة 16