كتاب الأحكام المترتبة على الحيض والنفاس والاستحاضة

والقياس الصحيح ما بيَّن فيه أنَّ المشترك بين الأصل والفرع هو علَّة الحكم أو دليل العلَّة.
وأيضًا فالطهارة إنما وجبت لكونها صلاة، سواء تعلَّقت بالبيت أو لم تتعلَّق يدلُّ عليه أنهم لَمَّا كانوا يُصلُّون إلى الصخرة كانت الطهارة شرطًا فيها، ولم تكن متعلِّقة بالبيت، وكذلك أيضًا إذا صلَّى إلى غير القبلة، كما يُصلِّي المتطوِّع في السفر، وكصلاة الخوف راكبًا، فإنَّ الطهارة شرط، وليست مُتعلِّقة بالبيت.
وأيضًا فالنظر إلى البيت عبادة مُتعلِّقة بالبيت، ولا يُشترط له الطهارة ولا غيرها (¬1).
5 - أنَّ الطائف لا بدَّ أن يُصلِّي الركعتين بعد الطواف، والصلاة لا تكون إلاَّ بطهارة (¬2).
ونوقش: بأنَّ وجوب ركعتي الطواف فيه نزاع، وإذا قُدِّر وجوبهما لم تجب فيهما الموالاة، وليس اتصالهما بالطواف بأعظم من اتصال الصلاة بالخطبة يوم الجمعة، ومعلومٌ أنه لو خطب محدثًا ثم توضَّأ وصلَّى الجمعة جاز، فلأن يجوز أن يطوف مُحدِثًا ثم يتوضَّأ ويصلِّي الركعتين بطريق الأَولَى، وهذا كثيرٌ ما يُبتَلَي به الإنسان إذا نَسِيَ الطهارة في الخطبة فإنه يجوز أن يتطهَّر ويصلِّي (¬3).
6 - ولقوله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة: «افعلي ما يفعل الحاج غير ألاَّ تطوفي بالبيت حتى تطهري» (¬4).
فهذا نفيٌ صريحٌ جليٌّ في عدم صحته من الحائض؛ إذ النهي يقتضي الفساد.
¬_________
(¬1) المصدر السابق (26/ 212).
(¬2) مجموع فتاوى ابن تيمية (26/ 213).
(¬3) مجموع فتاوى ابن تيمية (26/ 213).
(¬4) سبق تخريجه.

الصفحة 110