كتاب الأحكام المترتبة على الحيض والنفاس والاستحاضة

العمرة؟ إنما السُنة أن يُبدأ بالعمرة قبل العمل بالحج (¬1).
ونُوقش: بأنَّ طواف القدوم إنما يلزم - أو يُسن - لِمن أحرم بهما من ميقاتهما، وهذه التي أردفت الحج بمكة لا يلزمها ذلك، لأنها أحرمت بالحجِّ من الحرم، ولا يلزمها للحج طواف الورود، والمعتمر لا يلزمه ذلك أيضًا، وإنما يطوف عند ورود طواف عمرته (¬2).
الوجه التاسع: أنها لو كانت قارنة لوجب عليها هدي القرآن، ولَمَّا لم يُنقل ذلك دلَّ على أنها كانت مُفرِدة (¬3).
ونوقش: بأنَّ عدم النقل ليس نَقلاً للعدم، لاسيَّما وأنَّ الأصل وجوب الهدي على القارن، فانقلوا لنا أنتم بأنها لم تهدِ.
الوجه العاشر: أنكم تزعمون بأنَّ الطواف يُجزِئ لهما جميعًا، وهم يأمرونها بالتقصير إذا رمت وذبحت، ويحلُّ لها كلُّ شيءٍ إلاَّ الجماع والطيب، ولم تطُفْ لعُمرتها بعد، فأنتم تأمرونها أن تقصر لعمرتها قبل أن تطوف، وتسعى وتكون حلالاً ما يحل منه المعتمر غير الجماع والطيب، ولم تطُف بالبيت، ولم تسعَ بين الصفا والمروة لعمرتها (¬4).
فإن قلتم: إنَّ هذا التقصير إنما هو للحجِّ خاصة، فلا بدَّ أن تقولوا: إذا طافت وسعت قصرت تقصيرًا آخر للعمرة، ولا ينبغي أن يحلَّ منها شيء حتى تقصر التقصير الثاني، وينبغي لكم أن تجعلوا عليها الهدي في التقصير الأول؛ لأنها قصرت للحج وهي محرمة (¬5).
ويمكن أن يُجاب عنه: بأنها بإدخالها حجِّها على عمرتها أصبحت
¬_________
(¬1) الحجة على أهل المدينة (2/ 144).
(¬2) المنتقى للباجي (3/ 60).
(¬3) حاشية الكيلاني القادري على كتاب الحجة (2/ 142).
(¬4) الحجَّة على أهل المدينة (2/ 146).
(¬5) المصدر السابق، والحنفية ممن يوجبون على القارن طوافَين وسعيَين، والجمهور على أن عمل القارن كعمل المفرد، انظر: المغني (5/ 347) الإشراف (1/ 230).

الصفحة 118