كتاب الأحكام المترتبة على الحيض والنفاس والاستحاضة

فإنهم لم يتفقوا على سبب التحريم، فنذكر الدليل، ومن قال به، ونذكر ما أورد عليه من مناقشة.

الدليل الأول:
1 - أنَّ الحائض منهيَّة عن دخول المسجد (¬1).
بقوله تعالى: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43]
إذ هي في معنى الجنب، بل حدثها أغلظ (¬2).
وبما روي من قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا أُحِلُّ المسجد لحائض ولا جنب» (¬3).
ونوقش الاستدلال من أوجه:
الوجه الأول: عدم صلاحيته للاستدلال.
أما الآية فلأنَّ المسجد لم يذكر في أول الآية، فيكون آخرها عائدًا عليه، وإنما ذكرت الصلاة، والصلاة لا تجوز للجنب، إلاَّ ألاَّ يجد ماءً فيتيمَّم صعيدًا طيبًا (¬4).
وأمَّا الحديث: فإنه ضعيف، ولا يجوز الاحتجاج بمثله (¬5).
الوجه الثاني: أنَّ الاستدلال معارض بما هو أقوى منه.
ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ المؤمن ليس بنجس» (¬6).
فإذا ثبت أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال هذا، وكان تأويل الآية ما قد سبق، وضعف ما ورد من قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا أحلُّ المسجد لحائض ولا جنب» وجب ألاَّ يُمنع من ليس بنجس من المسجد إلاَّ بحجَّة (¬7).
¬_________
(¬1) انظر: فتح القدير لابن الهمام (1/ 166) رد المحتار (1/ 292) مجمع الأنهر (1/ 53) البحر (1/ 207) المنتقى (3/ 61) مواهب الجليل (1/ 374) المغني (5/ 222، 3267) المبدع (1/ 173).
(¬2) المغني (1/ 200).
(¬3) سبق تخريجه.
(¬4) الأوسط (2/ 109) المحلى (2/ 250) المجموع (2/ 155).
(¬5) الأوسط (2/ 109) المحلى (2/ 253).
(¬6) سبق تخريجه.
(¬7) الأوسط (2/ 1110).

الصفحة 122