كتاب الأحكام المترتبة على الحيض والنفاس والاستحاضة

عائشة لَمَّا قدمت وهي مُتمتِّعة فحاضت أن تدع أفعال العمرة، وتحرم بالحج، فعلم أنه لا يمكنها الطواف (¬1).
ونُوقش: بأنَّ الطواف مع الحيض محظورٌ لحرمة المسجد أو للطواف أو لهما، والمحظورات لا تُباح إلاَّ حال الضرورة، ولا ضرورة بها إلى طواف الوداع، فإنَّ ذلك ليس من الحجِّ، ولهذا لا يودِّع المقيم بمكة، وإنما يودِّع المسافر عنها فيكون آخر عهده بالبيت، وكذلك طواف القدوم ليست مضطرَّة إليه، بل لو قدم الحاج وقد ضاق الوقت عليه بدأ بعرفة، ولم يطُف للقدوم، فهو إن أمر بهما القادر عليهما، إما أمر إيجاب فيهما، أو في أحدهما، أو استحباب، فإنَّ للعلماء أقوالاً، وليس واحد منهما رُكنًا يجب على كلِّ حاج بالسُنة الثابتة باتفاق العلماء، بخلاف طواف الفرض، فإنها مضطرَّة إليه؛ لأنه لا حجَّ إلاَّ به، وهذا كما يُباح لها دخول المسجد للضرورة، ولا تدخله لصلاة ولا اعتكاف، وإن كان منذورًا، بل المعتكفة إذا حاضت خرجت من المسجد، ونُصِبت لها قُبَّة في فنائه (¬2).
القول الثاني- إنه لا يحرم عليها:
ذهب إليه ابن تيمية (¬3)، وتلميذه ابن القيم (¬4)، ونفيا وجود الإجماع على تحريم الطواف، أو عدم صحَّته من المضطرَّة (¬5).
وقد ذكر ابن تيمية أنَّ الإجماع على التحريم إنما هو في غير المضطرَّة، فقال بعد كلام: .. وأمَّا الذي لا أعلم فيه نزاعًا أنه ليس
¬_________
(¬1) مجموع فتاوى ابن تيمية (26/ 214).
(¬2) مجموع فتاوى ابن تيمية (26/ 215).
(¬3) انظر: مجموع الفتاوى له (26/ 177، 179، 180، 185، 202، 225).
(¬4) انظر: حاشية ابن قاسم على الروض المربع (4/ 110).
(¬5) مجموع فتاوى ابن تيمية (26/ 205).

الصفحة 126