كتاب الأحكام المترتبة على الحيض والنفاس والاستحاضة

أحدها: أنَّ هذه لا يمكن فيها إلاَّ أحد أمور خمسة:
إما أن يقال: تقيم حتى تطهر وتطوف، وإن لم يكن لها نفقة، ولا مكان تأوي إليه بمكَّة، وإن لم يمكنها الرجوع إلى بلدها، وإن حصل لها بالمقام بمكة من يستكرهها على الفاحشة فيأخذ مالها إن كان معها مال.
وإمَّا أن يقال: بل ترجع غير طائفة بالبيت وتقيم على ما بقي من إحرامها إلى أن يمكنها الرجوع، وإن لم يمكنها بقيت مُحرِمة إلى أن تموت.
وإما أن يقال: بل تتحلَّل كما يتحلَّل المحصر، ويبقى تمام الحج فرضًا عليها تعود كالمحصر عن البيت مطلقًا لعذر، فإنه يتحلَّل من إحرامه، ولكن لم يسقط الفرض عنه، بل هو باقٍ في ذمَّته باتفاق العلماء .. ولو كان قد أحرم بتطوُّعٍ من حجٍّ أو عمرة فأحصر، فهل عليه قضاؤه على قولَين مشهورين.
وإما أن يقال: من تخاف أن تحيض فلا يمكنها الطواف طاهرًا لا تؤمر بالحج، لا إيجابًا ولا استحبابًا، ونصف النساء أو قريب من النصف يحضن إمَّا في العاشر وإما قبله بأيام، ويستمر حيضهنَّ إلى ما بعد التشريق بيوم أو يومين أو ثلاثة، فهؤلاء في هذه الأزمنة (¬1)، في كثير من الأعوام، أو أكثرها لا يمكنهنَّ طواف الإفاضة مع الطهر، فلا يحججن ثم إذا قدر أنَّ الواحدة حجَّت فلا بدَّ لها من أحد الأمور الثلاثة المتقدمة، إلاَّ أن يسوَّغ لها الطواف مع الحيض (¬2).
قال: ومن المعلوم أن الوجه الأول لا يجوز أن تؤمر به، فإن في ذلك من الفساد في دينها ودنياها ما يعلم بالاضطرار أن الله ينهى عنه، فضلاً عن أن يأمر به.
¬_________
(¬1) أي: الأزمنة التي لا يمكن المرأة الاحتباس بعد الوفد.
(¬2) مجموع الفتاوى (26/ 225، 226).

الصفحة 132