كتاب الأحكام المترتبة على الحيض والنفاس والاستحاضة

الطواف لا تسقط بالعجز عن بعض شروطها وأركانها، فكيف يسقط الحج بعجزه عن بعض شروط الطواف وأركانه؟!
رابعًا- قال: ومثل هذا القول أن يقال يسقط عنها طواف الإفاضة، فإنَّ هذا خلاف الأصول؛ إذ الحجُّ عبارة عن الوقوف، والطواف أفضل الرُّكنَين وأجلهما، ولهذا يشرع في الحج، ويشرع في العمرة، ويشرع منفردًا، ويُشترط له من الشروط ما لا يُشتَرَط للوقوف، فكيف يمكن أن يصحَّ الحج بوقوف بلا طواف؟!
ولكن أقرب من ذلك أن يقال: يجزئها طواف الإفاضة قبل الوقوف، فيقال: إنها إذا أمكنها الطواف قبل التعريف، وإلا طافت قبله؛ لكن هذا لا نعلم أن أحدًا من الأئمَّة قال به في صورة من الصور ولا قال بإجزائه (¬1).
قال: فإذا تبيَّن فساد هذه أقسام الأربعة بقي الخامس وهو أنها تفعل ما تقدر عليه، ويسقط عنها ما تعجز عنه.
وهذا هو الذي تدلُّ عليه النصوص المتناولة لذلك والأصول المشابهة له، وليس في ذلك مخالفة للأصول والنصوص التي تدل على وجوب الطهارة كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «تقضي الحائض المناسك كلَّها إلاَّ الطواف بالبيت» (¬2) إنما تدل على الوجوب مطلقًا، كقوله: «لا يقبل الله صلاة أحدكم حتى يتوضَّأ» (¬3)، وقوله: «لا يقبل الله صلاة حائض إلاَّ بخمار» (¬4).
¬_________
(¬1) مجموع الفتاوى (26/ 229، 230، 231).
(¬2) سبق تخريجه.
(¬3) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب لا تقبل صلاة بغير طهور (1/ 43) ومسلم في كتاب الطهارة باب وجوب الطهارة للصلاة (1/ 204).
(¬4) أخرجه أبو داود في الصلاة، باب المرأة تصلي بغير خمار (1/ 421) والترمذي، في الصلاة باب لا تقبل صلاة المرأة إلاَّ بخمار (2/ 215) وقال: حديث حسن، وابن ماجة، في الطهارة، باب إذا حاضت الجارية لم تصل إلا بخمار (1/ 215) وأحمد (6/ 150) والحاكم (1/ 251) وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه ووافقه الذهبي عليه وصحَّحه الألباني كما في إرواء الغليل (1/ 214) عليه، وصحَّحه الألباني كما في إرواء الغليل (1/ 214).

الصفحة 135