كتاب الأحكام المترتبة على الحيض والنفاس والاستحاضة

أي: فتطهروا (¬1).
ونوقش الاستدلال من وجهين:
الوجه الأول: بأنه إذا حمل على هذا احتيج إلى شرط آخر، وهو انقطاع الدم.
وأجيب: بأنَّ هذا غير مسلم؛ لأنَّ التطهير لا يكون إلاَّ بعد انقطاع الدم، فأمَّا إذا اغتسلت قبله لم تكن تطهَّرت.
الوجه الثاني: أنه قال بعد ذلك: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} فكيف يكون ذلك، أي أنَّ هذا تكرار.
وأجيب: بأنَّ إعادته تأكيد للأول وبيان كما نقول: "لا تأكل حتى تغرب الشمس، فإذا غربت فكلْ".
فنحن معكم بين أمرَين: إما أن يكون الأول أراد به الاغتسال والثاني تأكيدًا له، أو يكون أراد بالأول انقطاع الدم والثاني الاغتسال، فيكون قد علَّق جواز الوطء بشرطَين (¬2).
أما على قراءة التخفيف فالاستدلال بها من أوجه:
الوجه الأول: أنَّ معناها أيضًا «يغتسلن»، وهذا شائع في اللغة؛ فيصار إليه جمعًا بين القراءتين (¬3).
الوجه الثاني: أنَّ الإباحة مُعلَّقة بشرطَين: أحدهما انقطاع دمهن، والثاني تطهُّرهنَّ، وهو اغتسالهن، وما علق بشرطين لا يُباح بأحدهما (¬4)، كما قال تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6].
ونوقش: بأنَّ هذه الدعوى غير مسلَّمة، وإنما هُما شرط واحد،
¬_________
(¬1) المجموع (2/ 370) الانتصار (1/ 578).
(¬2) الانتصار (1/ 579).
(¬3) المجموع (2/ 371).
(¬4) المجموع (2/ 371) الانتصار (1/ 576) المغني (1/ 420).

الصفحة 161