كتاب الأحكام المترتبة على الحيض والنفاس والاستحاضة

ومعناه حتى ينقطع دمهن، فإذا انقطع فأتوهن، كما يقال: "لا تكلم زيدًا حتى يدخل الدار، فإذا دخل فكلمه" (¬1).
وأجيب عن المناقشة من أوجه:
الوجه الأول: أنَّ ابن عباس والمفسرين وأهل اللسان فسَّروه فقالوا: معناه «فإذا اغتسلن»، فوجب المصير إليه (¬2).
الوجه الثاني: أنَّ ما قالوه فاسد من جهة اللسان؛ فإنه لو كان كما يقولون لقيل: «فإذا تطهرن» فأعيد الكلام، كما يقال: "لا تكلم زيدًا حتى يدخل، فإذا دخل فكلِّمْه"، فلما أعيد بلفظ آخر دلَّ على أنهما شرطان كما يقال: "لا تكلم زيدًا حتى يأكل، فإذا أكل فكلمه".
الوجه الثالث: أنَّ فيما قلنا جمعًا بين القراءتين فتعيَّن (¬3).
3 - وعلى الحنفية من القياس:
أنه طهر من الحيض لم يضامه تطهير فلم يُبِح الوطء، دليله إذا انقطع لأقل من أكثره، وهذا لأنه لا يخلو في الأصل أن يكون الوطء لم يُبَح لِما ذكرنا، أو لأنها لا تأمن معاودة الدم، أو لأنَّ الحيض ما زال حُكمًا.
بطل أن يكون لمعاودة الدم، فإنها إذا اغتسلت، أو مضى عليها وقت صلاة، أو تيمَّمت وصلَّت لا تأمن معاودة الدم، ويباح وطؤها عندهم (¬4)، وبطل أن يكون لأنَّ الحيض ما زال حُكمًا لأنه لو لم يزل لم نأمرها بالاغتسال والشروع في الصلاة والصيام، فلم يبقَ إلاَّ انه لم
¬_________
(¬1) المجموع (2/ 371).
(¬2) المجموع (2/ 371) المغني (1/ 420).
(¬3) المجموع (2/ 371).
(¬4) أي: عند الحنفية انظر: فتح القدير (1/ 171) أحكام القرآن للجصاص (1/ 349) رد المحتار (1/ 294).

الصفحة 162