كتاب الأحكام المترتبة على الحيض والنفاس والاستحاضة

يضامه تطهير (¬1).
ونوقش: بأنَّ ما دون الأكثر من زمان الحيض، وانقطاع الدم فيه لا يؤذَن بالطهر، لأنَّ الدم دفقات وليس بسائل على الدوام، فلم يصحّ الوطء؛ لأنَّ انقطاعه يجوز أن يكون لدفقة من دفقاته بخلاف انقطاعه لأكثره، فإنا تيقنَّا طهارتها منه فجاز وطؤها (¬2).
وأجيب: بكيف أمنت انقطاعه إذا اغتسلت أو مضى عليها وقت صلاة أو صلَّت بالتيمم (¬3).
وردت الإجابة: بأنَّا إنما أبحنا الوطء إذا اغتسلت لأنها استباحت الصلاة، وإذا أباح لها الشرع الصلاة فقد أباح وطؤها، وكذلك إذا مضى وقت صلاة فقد أثبت الشرع وجوب الصلاة في ذمَّتها، ولا تثبت الصلاة في ذمَّة حائض، وكذلك إذا صلّت بالتيمُّم فقد فعلت ما لا يجيزه الشرع إلاَّ لطاهر، فما أبحنا الوطء إلاَّ بيقين الانقطاع (¬4).
وأجيب عن الرد: بأنه إذا لم يُؤذَن الاغتسال ومضى وقت الصلاة بزوال حيضها يقينًا فلِمَ أبحتم الوطء والدم يعرض أن يعود؟ ولِمَ إذا أباح الشرع الصلاة لها يُباح وطؤها؟ والمتيمِّمة عند انقطاع الدم لدون الأكثر يُباح لها فعل الصلاة، ولا يُباح له الوطء (¬5).
وكذلك نعلم أنَّ المتحلِّل التحلُّل الأول يُباح له كلُّ المحظورات في الحجِّ إلاَّ الوطء، ثم إذا أوقفت جواز الوطء على جواز الصلاة وإيجابها في الذمة، أفلا أوقفتها إذا انقطع لأكثره على ذلك، وقد قلت: تُوطأ قبل أن تستبيح الصلاة، وإلاَّ أوقفت جواز فعل الصلاة وثبوتها في
¬_________
(¬1) الانتصار (1/ 581) وانظر: الاستدلال مختصرًا في المغني (1/ 420) والإشراف (1/ 55).
(¬2) ذكره لهم في الانتصار (1/ 582) وانظر: رد المحتار (1/ 296).
(¬3) أي: عند المعترض وهم فقهاء الحنفية انظر: رد المحتار (1/ 295).
(¬4) الانتصار (1/ 582) وانظر: فتح القدير (1/ 171) رد المحتار (1/ 294).
(¬5) كما هو المذهب عند الحنفية.

الصفحة 163