كتاب الأحكام المترتبة على الحيض والنفاس والاستحاضة

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد حسبها عليها، والأحكام لا تُؤخَذ بمثل هذا.
ولو كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد حسبها عليه، واعتدَّ عليه بها لم يعدل عن الجواب بفعله وشرعه إلى «أرأيت»، وكان ابن عمر أكره ما إليه «أرأيت»، فكيف يعدل للسائل عن صريح السنة إلى لفظة «أرأيت» الدَّالة على نوع من الرأي سبَّبه عجز المطلق وحُمقه عن إيقاع الطلاق على الوجه الذي أذن الله له فيه، والأظهر فيما هذه صفته أنه لا يعتد به، وأنه ساقط من فعل فاعله، لأنه ليس في دين الله تعالى حُكم نافذ سببه العجز والحمق عن امتثال الأمر، إلاَّ أن يكون فعلاً لا يمكن رده بخلاف العقود المحرمة التي من عقدها على الوجه المحرم، فقد عجز واستحمق.
وحينئذ يقال: هذا أدلُّ على الردِّ منه على الصحة واللزوم، فإنه عقد عاجز أحمق، على خلاف أمر الله ورسوله، فيكون مردودًا باطلاً، فهذا الرأي والقياس أدلُّ على بطلان طلاق من عجز واستحمق منه على صحته واعتباره (¬1).
وأما قول ابن عمر: فراجعتها، وحسبت لها التطليقة التي طلقتها وما روي عنه: «وما يمنعني أن أعتدَّ بها».
فقد نوقش من أوجه:
الوجه الأول: أنه لم يقل فيه إنَّ رسول الله حسبها تطليقة، ولا إنه - صلى الله عليه وسلم - هو الذي قال اعتدّ بها طلقة، وإنما هو إخبار عن نفسه، ولا حجَّة في فعله ولا فعل أحد دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2).
الوجه الثاني: أنه صحَّ عن ابن عمر رضي الله عنه بإسناد كالشمس من رواية عبيد الله عن نافع عنه في الرجل يُطلِّق امرأته وهي حائض؟ قال: لا
¬_________
(¬1) زاد المعاد (5/ 228) وانظر المحلى (11/ 456).
(¬2) المحلى (11/ 456).

الصفحة 185