كتاب الأحكام المترتبة على الحيض والنفاس والاستحاضة

يعتد بذلك (¬1).
الوجه الثالث: أنَّ الألفاظ قد اضطربت عن ابن عمر في ذلك اضطرابًا شديدًا، وكلَّها صحيحة عنه، وهذا يدل على أنه لم يكن عنده نصٌّ صريحٌ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وقوع تلك الطلقة والاعتداد بها، وإذا تعارضت تلك الألفاظ نظرنا إلى مذهب ابن عمر وفتواه فوجدناه صريحًا في عدم الوقوع، ووجدنا أحد ألفاظ حديثه صريحًا في ذلك، فقد اجتمع صريح روايته وفتواه على عدم الاعتداد، وخالف في ذلك ألفاظًا مُجملة مضطربة (¬2).
وأمَّا ما روي عن نافع أنَّ تطليقة عبد الله حُسِبت عليه، فهذا غايته أن يكون من كلام نافع، ولا يعرف من الذي حسبها، أهو عبد الله نفسه، أو أبوه عمر، أو رسول الله؟ ولا يجوز أن يشهد على رسول الله بالوهم والحسبان، وكيف يعارض صريح قوله: «ولم يرها شيئًا» بهذا المجمل (¬3).
3 - ما روى حمَّاد بن زيد عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من طلَّق في بدعة ألزمنا بدعته» (¬4).
ونوقش: بأنَّه حديث باطل، ولم يروِه أحدٌ من الثقات من أصحاب حمَّاد بن زيد، وإنما هو من حديث إسماعيل بن أمية الذراع الكذاب، الذي يذرع ويفصل، ثم الراوي له عنه عبد الباقي بن نافع، وقد ضعَّفه البرقاني وغيره، وكان قد اختلط في آخر عمره، وقال:
¬_________
(¬1) أخرجه ابن حزم في المحلى (11/ 453) وصحح، وكذا صحَّحه ابن القيم، كما في الهدي (5/ 226) وكذلك الشوكاني كما في نيل الأوطار (6/ 254).
(¬2) زاد المعاد (5/ 236).
(¬3) زاد المعاد (5/ 237).
(¬4) أخرجه ابن حزم في المحلى (11/ 455).

الصفحة 186