كتاب الأحكام المترتبة على الحيض والنفاس والاستحاضة

للعدَّة في حقِّ المدخول بها، فلا يكون طلاقًا، فكيف تُحرم المرأة به؟
وقال تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229]
ومعلوم أنه إنما أراد الطلاق المأذون فيه، وهو الطلاق للعدَّة، فدلَّ على أنَّ ما عداه ليس من الطلاق، فإنه حصر الطلاق المشروع المأذون فيه الذي يملك به الرجعة في مرَّتين، فلا يكون ما عداه طلاقًا (¬1).
3 - ما رواه أبو داود:
حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن مولى عروة يسأل ابن عمر، قال أبو الزبير وأنا أسمع: كيف ترى في رجل طلَّق امرأته حائضًا؟ فقال: طلَّق ابن عمر امرأته حائضًا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأل عمر عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنَّ عبد الله بن عمر طلَّق امرأته وهي حائض، قال عبد الله: فردَّها عليَّ ولم يرها شيئًا وقال: «إذا طهرت فليطلِّق أو ليُمسك» .. قال ابن عمر: وقرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} في قبل عدتهن» (¬2).
قالوا: وهذا إسناد في غاية الصحَّة؛ فإنَّ أبا الزبير غير مدفوع عن الحفظ والثقة، وإنما يُخشَى من تدليسه، فإذا قال: سمعت، أو حدثني، زال محذور التدليس، وزالت العلَّة المتوهَّمة، وأكثر أهل الحديث يحتجُّون به إذا قال «عن» ولم يصرِّح بالسماع، ومسلم يُصحِّح ذلك من حديثه .. فأمَّا إذا صرَّح بالسماع فقد زال الإشكال وصحَّ الحديث وقامت به الحجة (¬3).
ونوقش: بأنه خلاف الأحاديث الصحيحة.
قال أبو داود: والأحاديث كلُّها على خلاف ما قال أبو الزبير (¬4).
¬_________
(¬1) زاد المعاد (5/ 225).
(¬2) سبق تخريجه.
(¬3) المحلى (11/ 457) زاد المعاد (5/ 226).
(¬4) مختصر سُنن أبي داود للمنذري (3/ 97).

الصفحة 190