كتاب الأحكام المترتبة على الحيض والنفاس والاستحاضة

وقال الشافعي: ونافع أثبت عن ابن عمر من أبي الزبير، والأثبت من الحديثين أولى أن يقال به (¬1).
وقال الخطابي: حديث يونس بن جبير أثبت من هذا (¬2)، يعني قوله: «مُرْه فليراجعها» وقوله: «أرأيت إن عجز واستحمق؟» قال: فمه.
وقال ابن عبد البر: وهذا لم ينقله أحد غير أبي الزبير، وقد رواه عنه جماعة أجلاَّء، فلم يقل ذلك أحدٌ منهم، وأبو الزبير ليس بحجَّة فيما خالفه فيه مثله، فكيف بخلاف من هو أثبت منه؟ (¬3).
وأجيب عن ذلك: بأن ما ذكروه لا يُوجب ردَّ خبر أبي الزبير.
أمَّا قول أبي داود: الأحاديث كلُّها على خلافه، فليس بأيديكم سوى تقليد أبي داود، وأنتم لا ترضون ذلك، وتزعمون أنَّ الحجَّة من جانبكم فدعوا التقليد، وأخبرونا أين في الأحاديث الصحيحة ما يخالف حديث أبي الزبير؟
فهل فيها حديث واحد أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - احتسب عليه تلك الطلقة وأمره أن يعتدَّ بها، فإن كان ذلك فنعم، ولا تجدون إلى ذلك سبيلاً، وغاية ما بأيديكم: «مُرْهُ فليُراجعْها» والرجعة تستلزم وقوع الطلاق، وقول ابن عمر وقد سُئل: أتعتدُّ بتلك التطليقة؟ فقال: «أرأيت إن عجز واستحمق؟» وقول نافع أو من دونه: «فحُسِبت من طلاقها».
وليس وراء ذلك حرف واحد يدلُّ على وقوعها، والاعتداد بها، ولا ريب في صحَّة هذه الألفاظ، ولا مُطعن فيها، وإنما الشأن كلُّ الشأن في معارضها لقوله: فردَّها عليَّ ولم يرها شيئًا" وتقديمها عليه، ومعارضتها لما نذكر لقولنا من أدلَّة (¬4).
¬_________
(¬1) المصدر السابق والصفحة.
(¬2) معالم السُنن له (3/ 95).
(¬3) زاد المعاد (5/ 227) نيل الأوطار (6/ 253).
(¬4) زاد المعاد (5/ 227) تهذيب سُنن أبي داود له (3/ 96).

الصفحة 191